إنّ التواصل
أمر هامّ جدّا عندما تخوض أمّة ما حربًا من الحروب. فلا غنى عن الحفاظ على سرية
التواصل مع الجنود. كما أنّ القدرة على فك شيفرة الرموز السرية التابعة للعدو
ومعرفة أسراره، هي على نفس القدر من الأهميّة. أثناء الحرب العالميّة الثانية، تمّ
اختراع رمزًي شيفرة بشكل بارع جدّا حتّى أنّ أحدا لم يتمكّن من اختراقهما. كانت
آلة الألغاز الألمانيّة عبارة عن جهاز آلي بالغ التعقيد حتى أنّ الحلفاء، أعداء
ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، لم يتمكنوا أبدًا من فك رموزه هذه الآلة. ولم
يقدر الحلفاء على قراءة المراسلات العسكرية الألمانية السريّة قبل المرور بسلسلة
من الأحداث التي زوّدتهم بهذا الجهاز وبالرمز الصفري المستعمل وقتئذ، والذي يفك
شيفرة الجهاز.
أمّا الشيفرة
الأخرى التي لم يتمكن أحد من فكّها فقد اخترعها متكلّمو شيفرة نافاجو ("متكلمو
الشيفرة" هو مصطلح يستخدم لوصف الناس الذين يتحدّثون باستخدام لغة مشفّرة). هؤلاء
الملّاحون الأمريكيّون الهنود، كانوا يتواصلون عبر شيفرة معقّدة قائمة على مبدأ "الشيفرة
ضمن الشيفرة". وبما أنّ المصطلحات العسكريّة الحديثة لم يكن لها كلمات مقابلة
في شيفرة نافاجو، فقد قام هؤلاء الشبّان بتشكيل شيفرة سريّة للإشارة إلى رتب
الضباط المختلفة، ولأنواع متعدّدة من الطائرات، والمواقع، إلخ... والشيفرة الثانية
كانت شيفرة نافاجو نفسها، وهي لغة نغميّة [اللغة النغمية هي لغة تمتزج فيها
الأصوات المنخفضة مع المرتفعة على نحو صوتي مميّز] تشمل أصواتًا لا توجد في اللغات
الألمانيّة أو الإيطاليّة أو اليابانيّة. وبقي اليابانيّون، على براعتهم في فك الشفرات، بقوا حائرين
بسبب لغة النافاجو هذه.
والسماء لها شيفرة أيضًا. وقد ارتبك الكثيرون من دارسي الكتاب المقدّس، عبر التاريخ، فيما يتعلّق بالشيفرات السريّة المحتواة في سفري دانيال والرؤيا. وتمامًا مثل الشيفرات التي تستعملها الحكومات لحماية المعلومات الحسّاسة من العدو، فقد بقي الفهم الكامل لشيفرة السماء السريّة، أمرًا مستحيلًا لوقت طويل من الزمان. وهناك معلومة أساسيّة واحدة بقيت مفقودة: تقويم الخالق.
النبوءة هي طريقة السماء في إيصال المعلومات الحيويّة الهامّة إلى أتباع المسيح الأمناء. لكن، فقط الآن، إذ بدأ الفهم يزداد بخصوص المعرفة بالتقويم الحقيقي للخالق، أصبح من الممكن فهم الرسائل التي تمّ حفظها بشكل كامل لهذا الجيل الأخير، فهمًا كاملًا.
تُوفّر
نبوءات دانيال وجهات نظر شاملة بخصوص التقويم الإلهي عبر التاريخ. وقد تمّ في هذا
السفر (سفر دانيال) الإعلان المُسبق لمختلف عناصر علم التقويم التي تشكّل تقويم
اليوم، بالإضافة إلى الوقت الذي ينتصر فيه التقويم الحقيقي في النهاية. كما يُنبئ
دانيال أيضا بالتشريعات المدنيّة التي فرضت تغييرات في التقويم الحقيقي والتي تؤثر
على شعب يهوه الأمين. ومثل آلة الألغاز الألمانية، فإنّ سفر دانيال استعصى على
الفهم الكامل بحيث لا يمكن فك رموزه إلا من خلال شيفرة التقويم الحقيقي.
وسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي
يوسّع من المفاهيم المتضمّنة في سفر دانيال. ونبوءات سفر الرؤيا هي بمثابة الشيفرة
ضمن الشيفرة الخاصّة بمتكلمي شيفرة نافاجو. وباستعمال الرموز المقدّمة في سفر
دانيال، يقوم سفر الرؤيا بأخذ هذه الرموز خطوة أبعد، من خلال عرض معلومات مفصّلة
للصراع الأخير العظيم: وهو معركة رهيبة جدًّا حتى أنّ المسيح يهوشوه نفسه قد أنذر
بأنّ الخداع سيشمل المختارين أنفسهم لو
أمكن ذلك: "... حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا" (متى
24: 24).
إنّ شروط الحياة الأبدية اليوم هي عينها شروط الحياة الأبدية في كل زمان: الطاعة تجلب النجاة، والعصيان يجلب الهلاك. إنّ نعمة يهوه من خلال الإيمان باستحقاقات ابنه الوحيد تمكّن كل الذين يريدون أن يطيعوا، تمكّنهم من الطاعة. ولكن، لكي يتمكّن الإنسان من الطاعة، فإنّ العدالة تتطلّب أنّ يكون لديه الفرصة ليفهم بوضوح المطالب الإلهيّة. إنّ الخالق الذي صرّح، "لأنّي أنا..[يهوه] ، لا أتغيّر" (ملاخي 3: 6)، لم يغيّر يوم عبادته ولم يسمح لأيّ ممّن يدّعون بأنّهم يمثّلون الخالق، بأن يقوموا بهكذا تغيير. وتماشيًا مع صفات الخالق الحنّان والرؤوف، فالإله الحيّ، قام في سفر الرؤيا، وفق تفصيل مضن وجهيد، بوضع رموز تشير إلى آخر إنذار رحمة مقدّم للعالم. وأصبح من الممكن أن نفهم الرسالة بشكل كامل، باستعمال التقويم الذي يوفّر المفتاح الضروري لفك رموز هذه الشيفرة. وهذا الإنذار يفسر كل شيء يحتاج إلى معرفته الإنسان ليكون مستعدا للمعركة الأخيرة التي ستدور حول العبادة. (1)
والإنذار مقدّم في ثلاثة أجزاء:
رسالة الملاك الأول:
"ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ، لِيُبَشِّرَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ، قَائِلاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:خَافُوا...[يهوه] وَأَعْطُوهُ مَجْدًا، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ، وَاسْجُدُوا لِصَانِعِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ" (رؤيا 14: 6، 7).
هذه دعوة لكل إنسان على الأرض لإكرام خالق الكلّ في اليوم الذي يعيّنه تقويمه الإلهي المؤسّس عند الخليقة. والكلمات المستخدمة في رسالة هذا الملاك قريبة جدًّا من الكلمات المستخدمة في الوصية الرابعة من الوصايا العشر: "اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ...[ليهوه] إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا. لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ...[يهوه] السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا" (خروج 20: 8- 11) . من بين كل الوصايا العشر، وصيّة السبت هذه هي الوصيّة الوحيدة التي تحتوي على اسم الخالق، ولقبه، ونطاق حكمه. اسمه يهوه، الخالق الذي صنع كل شيء والذي يحكم كل شيء. وهذا يعيّن سلطانه، وحقّه بأن يملي أوامره.
عندما يطيع الإنسان الوصية بإكرام السبت، فهو يتعهّد بالولاء لحكومة السماء الإلهيّة. فالسبت، إذاً، هو علامة أو سمة الولاء للخالق. أما الدورة الأسبوعية المستمرّة، التي يتميّز بها التقويم الروماني الحديث الشائع في العالم، فهي ليست مرتبطة بأيّ شيء في أسبوع الخليقة، ولا يمكن أن تكون تذكارا للخليقة. فقط عندما يرتبط السبت بالخليقة من خلال القمر يمكن أن يكون هناك تذكار للخلق.
وكلمات رسالة الملاك ملأى بالأهميّة:
خافوا يهوه_ إنّ كلمة خوف تأتي من الكلمة اليونانيّة (فوبيو) التي تحمل في ثناياها معنى التوقير، أي توقير الآب السماوي وإجلاله. والفكرة من وراء هذا هي الولاء الكامل والتسليم الكلّي لمشيئته. وكما أُظهرنا في السابق، فعندما تُقدّم العبادة في أيّام قد تمّ حسابها بتقويم وثني، فالعبادة تُقدّم لآلهة وثنيّة، أي في النهاية، هذه العبادة تقدّم للشيطان. إنّ تسليم الإرادة بالمطلق أمر ضروريّ قبل أن يكون الإنسان راغبًا في الوقوف إلى جانب الشريعة الإلهية حتى ولو كان مختلفًا عن بقية العالم، من خلال التعبّد بحسب التقويم الأصلي المؤسّس لهذا الغرض.
أعطوا مجدًا ليهوه_ فقط هؤلاء الذين يُسلّمون إرادتهم للخالق يستطيعون أن يعطوا فعلا المجد: الإكرام، والتسبيح، والإجلال، لخالقهم لأنّه يتعظّم حقّا عندما يعيش شعبه في طاعة لمشيئته المعلنة في وصاياه. عندما يقدّم المرء، في إخلاص قلبيّ، المحبة والعبادة للخالق في يوم الأحد أو السبت اللذين يُحسبان وفق التقويم الروماني الحديث المختلف عن تقويم الخالق، فإنّ قلب الإله المحب محبة أبديّة يقبل هذه العبادة بوصفها أفضل ما يعرفه هذا الإنسان. لكن، كلّما تعاظمت معرفة الإنسان بالنور، ازدادت امتيازاته ومسؤوليّاته. فعندما يعرف الإنسان أنّ التقويم القمري الشمسي هو المقياس الأصلي الوحيد للوقت الإلهي، وأنّ كل التقاويم الأخرى هي تزييفات تهدف إلى تحويل العبادة إلى الإله المحجوب (الشيطان)، فذلك الشخص يصبح مسؤولا ليقوم بالتصرّف المناسب تجاه هذه المعرفة. وطاعته (أو عدم طاعته) تعطي المجد للخالق (أو تحجبه عن الخالق).
اقتربت ساعة دينونته_ واحدة من اتّهامات الشيطان لحكومة يهوه هي أنّه من المستحيل حفظ الشريعة، وهي الشريعة المقدّسة والكاملة. قبل أن ينتهي الصراع العظيم بين المسيح والشيطان، يجب الإجابة على هذه التهمة. وهكذا، فإنّ الإله الأزلي نفسه يُحكم عليه من خلال حياة أبنائه القدّيسين. إذا حاول أحدهم أن يضع جانبا مطالب الشريعة الإلهيّة، فهو يساند اتّهامات الشيطان هذه. إنّ الجيل الأخير من المؤمنين[أي جيلنا الحالي] سيعترف بسيادة ناموس يهوه المقدّس، وسيُمكّن، عبر الإيمان باستحقاقات المخلّص، من حفظ الوصايا [الشريعة]، حتى ولو على حساب الحياة نفسها. وهكذا، يتزكّى حكم الآب السماوي عندما يضع من يدّعون أنّهم شعبه الأمناء، مصالحهم الأرضية جانبا ويسلّمون إرادتهم له ويطيعون شريعته.
أعبدوا الخالق_ كما أظهر أعلاه، فإنّ اليوم الذي يقدّم فيه الإنسان عبادته هو الذي يحدّد فيما إذا كان يعبد الإله الحقيقي أم لا. ومن خلال جعل الصراع بين حفظ يوم الأحد ويوم السبت بحسب تقويم روما[التقويم الغريغوري الشائع في العالم]، تمكّن الشيطان من التخفّي وتقبّل العبادة من الناس الذين يقدّمون عبادتهم في أيّ يوم يُعيّن وفق تقويم روما هذا. فلكي يعبد الإنسان خالقه بالفعل، عليه أن يضع جانبّا كل التقاويم الوثنية المزيّفة، ويحفظ سبت اليوم السابع بحسب تقويم الكتاب المقدّس الحقيقي، الذي يختلف عن كل التقاويم الشائعة في العالم المعاصر. وهذا هو ما يطلبه الخالق: حفظ يوم الراحة بحسب التقويم القمري الشمسي الأصلي والمؤسّس عند الخليقة، فهذا اليوم وحده هو يوم العبادة الحقّ الذي يقبله الخالق، والذي يطلبه من الناس أجمعين. وكل أيام العبالدة الأخرى المحسوبة وفق تقاويم تختلف عن التقويم الحقيقي، هي تزييفات تجعل الشيطان يقبل العبادة والعظمة والإكرام الذي يعتقد المتعبّدون أنّه يذهب للخالق. فهدف الشيطان المعلن هو الجلوس على خيمة الاجتماع وتقبّل العبادة التي لا تحقّ إلا للخالق (راجع إشعياء 14: 13).
وهكذا، فإنّ رسالة الملاك الأول هي دعوة كاملة لطرح كل التقاويم المزيّقة وإعطاء المجد والإكرام للخالق من خلال عبادته في اليوم الذي حدّده هو، بحسب تقويمه القمري الشمسي. وهذه الدعوة تُقدّم بصوت عال، وهذا يشير إلى أنّه من الملحّ أن تستمع البشرية جمعاء إلى لرسالة الملاك الأوّل.
رسالة الملاك الثاني:
"سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ، لأَنَّهَا سَقَتْ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا!" (رؤيا 14: 8).
تجدر الملاحظة أنّ هذه الرسالة لا تُعطى بصوت عال. والسبب بسيط: فقط أولئك الذين قبلوا رسالة الملاك الأول سيقبلون رسالة الملاك الثاني وسينتفعون منها.
بابل سقطت، سقطت_ تسقط بابل عندما تسقط أساساتها. إنّ الادّعاء بأنّ المسيح قد صُلب يوم الأحد، قد شكّل أساس العبادة في يوم الأحد. وعندما يتمّ إثبات أنّ اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات، بحسب الكتاب المقدس، ليس هو يوم الأحد، بل هو أوّل يوم في الأسبوع بحسب التقويم الذي كان شائعًا أيّام المسيح، وهو الأسبوع بحسب الكتاب المقدس، عندئذ تسقط بابل. ومنذ البداية، فلقد افتخر الشيطان بأنّه سيغيّر الأوقات والسنّة، أي الشرائع [راجع دانيال 7: 25]. وبابل تسقط للمرّة الثانية، بالأكثر، عندما تُكشف هويّة المخادع الأعظم، أي الشيطان المتخفّي وراء كل التعاليم والممارسات التي تبدو أنّها متوافقة مع الكتاب المقدّس لكنّها، في الحقيقة، لا تمت للحق الكتابي بصلة. والشيطان هو الذي ينال العبادة المقدّمة في أيّام تُحسب وفق أي تقويم بخلاف تقويم الخالق المُعلن في الكتاب المقدّس.
المدينة العظيمة_منذ أيام إيريناوس (130م - 202 م) كان دارسو الكتاب المقدّس يربطون الإمبراطوريّة الرومانية بالرموز النبوية المستعملة في سفري دانيال والرؤيا (2). وقد كان كلّ من ميخائيل تشيزينا (رجل دين ولاهوتي فرانسيسكاني من إيطاليا، توفى سنة 1342م.) ويوهانس (أو جون) دي روبيسكيسا (خيميائي فرانسيسكاني من فرنسا كتب في النبوءات، توفى سنة 1366 م.) راهبين في القرن الرابع عشر، وكانا من بين أوائل الذين أعلنوا صراحة ارتباط الوثنيّة المنبثقة من كنيسة روما بالمرأة الزانية السكرى بدماء القديسين. أمّا جون ميليسز (توفى سنة 1374م.)، وهو كاهن ذو نفوذ واسع في المجالين الكنسي والسياسي، فقد قام بلصق إعلان على أبواب الكنيسة الأصلية للقدّيس بطرس في روما، وقد صرّح هذا الإعلان كالتالي: "لقد أتى ضدّ المسيح، ومجلسه هو الكنيسة عينها" (3). فقط في السنوات الحديثة بدأ يبدو من غير اللائق سياسيًّا أو دينيّا الربط بين وثنية الكنيسة الكاثوليكية وبين اللغة الرمزية المروّعة المستعملة في سفر الرؤيا. وهذا الرمز لا ينبغي حصره في البابويّة فقط، بل ينبغي أن يشمل كل الذين يتبنّون المسيحية البابليّة، أي العبادة التي تتبع التقويم البابلي، فهذه العبادة أيضا تظلّ تحت عباءة الوثنيّة. (4)
لقد جعلت المدينة العظيمة كلّ الأمم سكرى من خمر غضب زناها_ الزنى هنا هو الارتباط الغير الشرعي. فباللجوء إلى التشريع المدني بهدف فرض تقويم وثني، استقطب الإله الخفي، أي الشيطان، كلّ العبادة لنفسه سارقًا العبادة التي تليق بالخالق. والإرساليات المسيحية، عن جهل وعدم دراية، تبنّت أوّلا التقويم اليولياني، ثم التقويم الغريغوري في كل أنحاء العالم. وقد علّموا نظام حساب الوقت المزيّق هذا للناس الذين غابوا مع خدّامهم في ظلام الوثنية.
الخمر مُسكرة. فهي تُظلم العقل، فيصعب على الإنسان إعمال المنطق. إنّ خمر بابل تشمل، فيما تشمل، نظام التقويم الوثنيّ الأصل الذي يُصعّب على الناس فهم تقويم الخالق، التقويم القمري الشمسي، وذلك لأنّ الناس اعتادوا على الدورة الأسبوعية المتواصلة من غي توقف [أي أنّ الأسابيع يأتي واحدها بعد الآخر من دون توقف أو فاصل بينها]، أمّا تقويم الخالق فلا يحتوي على هكذا دورة أسبوعيّة . ومنذ سنة 1949 عندما اتّحد العالم في اعتماد التقويم الغريغوري الشمسي، منذ ذلك الحين والعالم يشرب خمر هذا الخداع المُسكر. (5)
إنّ يهوه يشجب بابل، "لأَنَّهَا سَقَتْ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا". هذا يعنى أنّها تستخفّ بالوصية الوحيدة التي تدلّ على الإله الحقيقي، كما قامت بهدم وصيّة السبت الحقيقي، الذي هو تذكار الخليقة التي خرجت من يدي باريها يهوه.
لقد اعتاد الكاثوليك والبروتسانت، حفظة يوم الأحد، على سماع قول اليهود والبروتستانت الذين يحفظون يوم السبت الغريغوري بحسب التقويم الروماني الشائع في العالم، أنّ يوم الأحد ليس هو يوم الراحة الأسبوعي الذي يأمر الكتاب المقدّس بحفظه. الحقيقة هي أنّ كلّ الذين يعيّنون أيام العبادة بحسب تقويم وثني الأصل، كل هؤلاء يعبدون، من غير علمهم، آلهة وثنية (شياطين) لأنّهم يعترفون بتقويم وثني الأصل، وأيّامه مكرّسة لعبادة آلهة وثنيّة. هذه هي الخمر التي أسكرت العالم بأسره. رسالة الملاك الثاني لا تُعطى بصوت عال لأنّ الذين سيعترفون بالحق المتضمّن في رسالة الملاك الثاني هم فقط من سيقبلون رسالة الملاك الأول وسيطيعونها.
رسالة الملاك الثالث:
"ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلاَكٌ ثَالِثٌ قَائِلاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ، وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ، فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ...[يهوه]، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ. وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلاً لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ"(رؤيا 14: 9- 11).
إنّ أرهب تهديد هو التهديد المحتوى في هذه الرسالة. ولكي يتمّ النطق بدينونة رهيبة كهذه، فلا بدّ أن يكون هناك أمر فظيع وشنيع قد استوجب هذا الحكم المريع. ولكي نفهم هذه الرسالة، من المهمّ أنّ نبدأ أولاً بفك الرموز المستخدمة هنا. الوحوش، بحسب نبوءة الكتاب المقدس، هي رموز لقوى سياسيّة عالميّة تشنّ حروبًا ضدّ شعب يهوه (6). إنّ الوحش وصورته المشار إليها هنا في رسالة الملاك الثالث، قد تمّ وصفهما مسبقًا في سفر الرؤيا، الأصحاح 13.
الوحش الطالع من البحر
"ثُمَّ
وَقَفْتُ عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، فَرَأَيْتُ وَحْشًا طَالِعًا مِنَ الْبَحْرِ
لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى قُرُونِهِ عَشَرَةُ تِيجَانٍ،
وَعَلَى رُؤُوسِهِ اسْمُ تَجْدِيفٍ. وَالْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتُهُ كَانَشِبْهَ نَمِرٍ، وَقَوَائِمُهُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ، وَفَمُهُ كَفَمِ أَسَدٍ.
وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَانًا عَظِيمًا. وَرَأَيْتُ
وَاحِدًا مِنْ رُؤُوسِهِ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ لِلْمَوْتِ، وَجُرْحُهُ الْمُمِيتُ
قَدْ شُفِيَ. وَتَعَجَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ وَرَاءَ الْوَحْشِ، وَسَجَدُوا
لِلتِّنِّينِ الَّذِي أَعْطَى السُّلْطَانَ لِلْوَحْشِ، وَسَجَدُوا لِلْوَحْشِ
قَائِلِينَ: مَنْ هُوَ مِثْلُ الْوَحْشِ؟ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَارِبَهُ؟
وَأُعْطِيَ فَمًا يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ وَتَجَادِيفَ، وَأُعْطِيَ
سُلْطَانًا أَنْ يَفْعَلَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا. فَفَتَحَ
فَمَهُ بِالتَّجْدِيفِ عَلَى...[يهوه] ، لِيُجَدِّفَ عَلَى اسْمِهِ..." (رؤيا 13: 1- 6).
إنّ الاستعمال المتكرّر لكلمة "تجديف" يكشف أنّ هذه المسألة، كغيرها من المسائل المحوريّة في الكتاب المقدس، تخصّ العبادة. وكما كان الأمر مع تمثال دانيال 2 وحلم الحيوانات الأربعة في دانيال 7، فإنّ الحيوانات المتنوّعة التي تشكّل هذا الوحش المدمّج والمذكور في رؤيا 13، تمثّل أيضًا صفات الممالك التي حاربت الشريعة الإلهية التي سار عليها الشعب المؤمن منذ قديم الزمان، وكانت ترفض السلوك في شرائع الخالق، واعتمدت تقاويم مزيّفة في مواجهة التقويم الحقيقي. فهذا الوحش يتمتّع بالصفات المميّزة لهذه الممالك المنبأ عنها في سفر دانيال (راجع دانيال 7).
والوحش الشبيه بالنمر في رؤيا 13 [وهو عينه الوحش الطالع من البحر] يشير إلى روما في هيئتها البابويّة التي حرّمت استخدام التقويم الحقيقي للخالق واستبدلته بالتقويم اليولياني الذي أجرت عليه مجموعة من التعديلات إلى أن خرجت بالتقويم الغريغوري [تقويم البابا الكاثوليكي غريغوري السابع] في عام 1582 م.، ثمّ أخذت دول العالم تعتمد هذا التقويم إلى أن أصبح اليوم التقويم العالمي الجامع لدول العالم ككل.
القرون هي رمز مغرق في القدم يشير إلى السلطة، وقد بدأ استعمالها بهذا المعنى مع نمرود (7). وكل رأس حامل لقرن، يُرجع تاريخ نظام العبادة الزائف القائم على تقويم زائف إلى أصوله: نمرود.
إنّ المسيحية البابلية لديها يومان للعبادة: الأحد للقداديس الخاصّة بغير المعتمدين [لم ينالوا فريضة المعموديّة]، ويوم السبت للجهال والمعتمدين على السواء. إنّ الدعامة التي سندت بابل هي العبادة في يوم الأحد بناء على الادّعاء بأنّ المسيح قد قام في هذا اليوم من الأموات. ويوم الأحد قد لعب دور الواجهة التي سمحت باستمرار العبادة الوثنيّة للإله ساترن، إله يوم السبت Saturday، عن طريق تمويه هذا الإله الوثني.
أمّا الجرح المميت الذي تلقاه هذا الوحش (البابوية) فهو يرتبط بانكسار شوكة السلطة المدنية للبابا في عام 1798. للمزيد من الدراسة حول هذه النقطة الهامّة، برجاء النقر هنا.
الوحش الطالع من الأرض:
إنّ الوحش الطالع من البحر يتبعه وحش آخر طالع من الأرض:
"ثُمَّ
رَأَيْتُ وَحْشًا آخَرَ طَالِعًا مِنَ الأَرْضِ، وَكَانَ لَهُ قَرْنَانِ شِبْهُ
خَرُوفٍ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ كَتِنِّينٍ، وَيَعْمَلُ
بِكُلِّ سُلْطَانِ الْوَحْشِ الأَوَّلِ أَمَامَهُ، وَيَجْعَلُ الأَرْضَ
وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ
الأَوَّلِ الَّذِي شُفِيَ جُرْحُهُ
الْمُمِيتُ... وَيُضِلُّ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ... قَائِلاً
لِلسَّاكِنِينَ
عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَصْنَعُوا صُورَةً لِلْوَحْشِ الَّذِي كَانَ بِهِ
جُرْحُ
السَّيْفِ وَعَاشَ. وَأُعْطِيَ
أَنْ يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ
الْوَحْشِ،
وَيَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لاَ يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ الْوَحْشِ
يُقْتَلُونَ. وَيَجْعَلَ الْجَمِيعَ: الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ،
وَالأَغْنِيَاءَ
وَالْفُقَرَاءَ، وَالأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ، تُصْنَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلَى
يَدِهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جَبْهَتِهِمْ، وَأَنْ
لاَ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعَ، إِّلاَّ مَنْ لَهُ
السِّمَةُ
أَوِ اسْمُ الْوَحْشِ أَوْ عَدَدُ اسْمِهِ. هُنَا الْحِكْمَةُ ! مَنْ لَهُ
فَهْمٌ
فَلْيَحْسُبْ عَدَدَ الْوَحْشِ، فَإِنَّهُ عَدَدُ إِنْسَانٍ، وَعَدَدُهُ:
سِتُّمِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ...[666]" (رؤيا 13: 11- 18).
كثيرة هي الأموال التي كسبتها شركات هوليوود السينمائية والكتب التي تفترض ماهيّة "سمة الوحش". ولقد اقترح أناس مخلصون أنّ سمة الوحش يمكن أن تكون أيّ شيء ابتداء من بطاقات الهوية الشخصيّة، إلى أرقام الضمان الاجتماعي في الولايات المتّحدة (8)، بما في ذلك تكنولوجيا النانو التي بوسعها أن تزرع رقاقات إلكترونيّة تحت الجلد. كلّ هذه الافتراضات خاطئة لأنّه يعوزها الفهم الأساسي الذي يوضّح أنّ المعركة الأخيرة هي، كما كانت على مرّ الأجيال، معركة تدور حول العبادة.
إنّ الصورة المصنوعة للوحش (رؤيا 13: 14) هي صورة الوحش (رؤيا 13: 15). وهكذا، فلكي نفهم ما هي سمة الوحش، يجب أولا أن نفهم هويّة الوحش الأصلي الذي يطلع من البحر. هذا الوحش هو القوة العالمية التي فرضت على العالم لأول مرة نظام التقويم الوثني لأغراض دينية. إنّ الوحش، الذي يمثل أوّل قوة مذكورة هنا (أي روما الوثنية والبابوية) قام بفرض هذا التقويم المشار إليه في مجمع نيقية الذي انعقد برئاسة قسطنطين عندما تمّ تجريم حساب الأعياد الدينية باستعمال تقويم الكتاب المقدّس، التقويم القمري الشمسي.
من المنطقي أن نستنتج أنّ عمل الوحش الأوّل، أي فرض تقويم مزيّف، سيتكرّر من خلال فرض صورة الوحش. حاليًّا، هناك انتعاش لحركة عالميّة لإصلاح التقويم الغريغوري الشائع الاستعمال في العالم اليوم. وقد أثير هذا الموضوع لأوّل مرّة في الثلاثينيّات والأربعينيّات من القرن الماضي بإجماع عالمي واسع (9) قبل أن تتلاشى في الخمسينيات. وفي تاريخ ديمسبر/كانون الأول 31، 2009، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال Wall Street Journal مقالة مدعّمة ببحث علمي رفيع المستوى بخصوص إصلاح التقويم الغريغوري، وقد قدّمت العديد من الاحتمالات التي يمكن لهذا الإصلاح أن يتمّ وفقها (10). كما أنّ المنظمة العالمية للتقويم (11) والتقويم البندكتي الدائم، يمثّلان إثنين من العديد من مقترحات إصلاح التقويم، التي يجعل كلّ منها بداية السنة يوم الأحد. الهدف هو تطبيق تقويم جديد في عام 2012، لأنّ تلك السنة تبدأ يوم الأحد. بالإضافة إلى هذا، فإنّ إصلاح التقويم سيجعل موعد عيد الفصح [Easter] موعدًا ثابتًا (عيد الفصح المقصود هنا هو عيد الـ Easter الذي هو تزييف آخر للفصح المذكور في الكتاب المقدس. وتثبيت موعد هذا الفصح الوثني الأصل هو رغبة لطالما اشتاقت الكنيسة االبابويّة الكاثوليكيّة إلى تحقيقها (12).
إنّ رسالة الملاك الثالث هي تحذير رهيب وملحّ ضدّ عبادة الوحش من خلال استعمال تقويمه. "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ، وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ، فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ...[يهوه]" (رؤيا 14: 9، 10). إنّ الحقيقة التي تشير إلى وجود تمييز بين الوحش وبين الصورة، هي مؤشر إلى أنّ هناك كيانان متشابهان شكليًّا. إنّ ختم يهوه، ختم الإله الحقيقي، الذي هو علامة الولاء له، هو متضمّن في تقديس يوم الراحة الحقيقي، سبت اليوم السابع، الذي يُعيّن وفق تقويمه. وسمة الوحش هي: تعهّد بالولاء، ليس للإله الحقيقي، بل للإله المحتجب [الشيطان]، وذلك من خلال تقديس أيّام العبادة المحدّدة وفق تقويمه (المقصود بتقويم الشيطان هو أي تقويم يزيّف التقويم الحقيقي للخالق). فالصورة، إذًا، تشير إلى تقويم آخر أو يوم آخر يُفرض تقديسه بقوة القانون تحت طائلة العقوبات المتصاعدة في شدّتها والتي ستلحق بكل الأمناء الذين يتمسّكون بيوم العبادة المعيّن من الخالق. للمزيد من الدراسة حول هذا الموضوع المصيري، برجاء النقر هنا.
إنّ حقيقة أنّ سمة الوحش يمكن أن ينالها الإنسان في الجبهة أو على اليد، تكشف عن اختلاف آخر. فالذين يقبلونها في الجبهة، مثل أولئك الذين ينالون ختم الخالق في الجبهة، هم مقتنعون فعلاً بصحّة التقويم الزائف (الجبهة هي رمز للعقل حيث تتكون معتقدات الإنسان وآراؤه). أمّا الذين ينالون سمة الوحش على اليد فهم أناس يتماشون مع التيار الداعي لإصلاح التقويم. وهم يقومون بذلك بهدف تسهيل تعاملاتهم وكسب قوتهم. من الأمثلة على هذه الفئة الأخيرة القس الأدفنتستي السبتي الذي يقول: "أنت على حقّ. عندما يُحسب السبت وفق تقويم الكتاب المقدّس، فإنّه سيقع في أيّام مختلفة على تقويمنا الغريغوري...لكن، كلّ ما يطلبه الخالق منّا هو أنّنا نعبده في اليوم السابع من أيّ تقويم شائع يستعمله المجتمع الذي نعيش فيه".
إنّ الملاك الثالث يحذّر جميع البشر من العبادة في يوم مزيّف ليوم العبادة الحقيقي المعيّن من الخالق، والذي هو سبت اليوم السابع الذي يُحسب وفق تقويم الكتاب المقدس، التقويم القمري الشمسي الذي لا يماثله أيّ تقويم آخر يتبعه الناس في أيّامنا الحاليّة.
وهكذا نستنتج أنّ التقويم الغريغوري الروماني الحديث ينطوي على خداع هائل قد تمّ أسر العالم به. فأيّام العبادة التي يقدّمها الناس هي ليست الأيّام الحقيقيّة التي يطلبها الخالق، أمّا يوم العبادة المعيّن من الإله الحقيقي فهو مدوس تحت الأقدام، ولا تبالي به الجموع الغفيرة من الناس، بل هو في أكثر الأحيان يوم عمل عادي لا تُحترم فيه القدسيّة التي أسبغها عليه الخالق منذ خلق العالم. وهذا خداع هائل من المخيف جدا تصديقه. إنّ الملاك الثالث يعلن صراحة ماذا ستكون عقوبة من يقبلون سمة الوحش، وبالتالي، من يعبدونه:
"إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ، وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ، فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ...[يهوه]، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ. وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ (13). وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلاً لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ" (رؤيا 14: 9- 11).
الأصحاح التالي، أي رؤيا 15، يصف "غضب يهوه"، وهو أرهب تهديد مُقدّم لبشر. وبالمقارنة، فإنّ الذين يعبدون الخالق بحسب تقويمه يوصفون كالتالي: "هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ. هُنَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا...[يهوه] وَإِيمَانَ...[يهوشوه]" (رؤيا 14: 12). إنّ كل من يرغبون حقّا بإكرام الخالق مجتنبين عقاب الأشرار، سيختارون أن يعبدوه في اليوم الذي لم يقم بتغييره على الإطلاق: سبت اليوم السابع الذي يُحسب وفق تقويمه المؤسّس منذ البداية على ارتباطه بدورة القمر.
النبوءة تُفهم دائمًا في وقت تحقّقها. إنّ تقويم الخليقة الأصلي يشتمل على المفتاح الذي يفكّ أقفال باب النبوءات المذكورة في سفري دانيال والرؤيا. وعلى كل دارس للكتاب المقدس أن يعيد فحص الكتب النبويّة لأنّ فيها نورًا عظيمًا، قد أصبح متاحًا الآن. وحقيقة أنّ هذه النبوءات يتم فكّ رموزها أخيرًا في أيّامنا هذه، هي دليل على أنّ وقت تحقّقها التامّ قد اقترب بالفعل.
خلاصة:
سمة الوحش هي قانون مدني على مستوى العالم، يفرض تقديس يوم على أي تقويم بخلاف تقويم الكتاب المقدس القمري الشمسي. إنّ قبول الناس لهذه السمة سيتسبّب في هلاكهم وعذابهم العظيم الموصوف في (رؤيا 14: 9- 11). من سيفرض هذه السمة؟ سيفرضها الوحش الطالع من الأرض [الولايات المتحدة الأمريكية] بحسب إملاءات الوحش الطالع من البحر [الكنيسة الرومانية الكاثوليكية]. ما هو البديل عن سمة الوحش؟ إنّ ختم الخالق هو علامة الولاء لشريعته، وهو علامة الرضا الإلهي والحماية من الضلال والهلاك، وهذه العلامة متضمّنة في سبت اليوم السابع الحقيقي الذي يُحدّد فقط بحسب تقويم الخالق، الذي هو تقويم قمري-شمسي يختلف كلّ الاختلاف عن التقاويم السائدة في العالم اليوم.
الفرصة متاحة لنا لكي نعرف الحق. الفرصة متاحة لكي نبدأ بتقديس يوم الراحة الحقيقي، ختم الخالق، ختم الحماية والنجاة.
_______________________________________________________
موادّ ذات صلة:
-
السبت الحقيقي يوم العبادة المُعيّن من يهوه..متى وكيف نجده؟ (مقالة)
-
تاريخ التقويم اليولياني (فيديو)
-
سمة الوحش (فيديو)
للمزيد من الدراسة حول الوحش الأول الطالع من البحر، والوحش الثاني الطالع من الأرض، في رؤيا 13:
-
لقد انكشف لغز الوحش الأول-رؤيا أصحاح13 (فيديو)
-
أمريكا في النبوات-الوحش الثاني لرؤيا أصحاح 13 (فيديو)
-
فرصة العالم الأخيرة: نظام عالمي جديد يوشك على البدء: هل أنت مستعد له؟ (مقالة)
-
الوحش (مقالة)
-
الولايات المتّحدة في النبوّة (مقالة)
_______________________________________________________
(1) يضيق بنا المجال إذا ما أردنا شرح هذه المسائل الهامّة بتفصيل أكثر، لذا فإنّ فريق إنذار يشجّع كل من يقرأ هذه المقالة على أن يقوم بدراسة متأنّية ودقيقة لنبوءات الكتاب المقدّس بنفسه.
(2) لي روي فرووم، Prophetic Faith of Our Father، (واشنطن دي. سي. : مؤسّسة ريفيو أند هيرالد للطبع والنشر، 1950)، المجلد 1، ص. 243- 245.
(3) عزرا جيلليت، The Life and Times of John Huss، (بوسطن: غولد أند لينكولن، 1863م.)، المجلد 1، ص. 23.
(4) وليس من المستغرب أنّ ميليسز قد اعتُقل، "وأمام محفل عظيم من الأساقفة والمثقفين، في كنيسة القديس بطرس، ألقى خطابًا باللغة اللاتينية ترك بليغ الأثر" (أوغسطوس نيادر، General History of the Christian Religion and Church، ترجمة جوسف توري، [بوسطن: كروكر وَ بريستر، 1856] مجلد 5، ص. 181). وأطلق سراحه أخيرًا من السجن على يد الكاردينال ألبانو، لكنّ أعماله استمرّت من بعده إذ أحدثت تأثيرًا فعالاً في ماثايوس ابن جنوه (توفى سنة 1394 م.)، ومن خلاله تأثّر جون هس، وجون ويكليف، ولاحقا مارتن لوثر.
(5) كانت اليونان آخر دولة أوروبية تتبنّى التقويم الغريغوري الروماني في سنة 1923. ومع أنّ الصين قد تبنّت هذا التقويم في عام 1912، فإنّ الحروب التي اندلعت فيما بعد قد جلبت معها فوضى عارمة في البلاد بحيث لم يُفرض التقويم الغريغوري ألا بعد أن توحّدت الصين على يد الشيوعيّين الذين ضمّوا هذا البلد إلى بقية بلدان العالم من حيث اعتماد نظام حساب الوقت هذا [أي التقويم الغريغوري].
(6) راجع (دانيال 7: 17، 19، 23؛ دانيال 8: 20- 22).
(7) واحدة من المرادفات التي تشير إلى نمرود [يُعتقد أنّ نمرود هو ملك شنعار الذي كان على رأس من قاموا ببناء برج بابل الموصوف في تكوين 11، وكان لنمرود دور مؤثّر جدًّا في نشر الوثنية]، بحسب نظام الديانات الغامضة القديمة، هي كلمة "كرونوس"، الإله الإغريقي المسؤول عن الوقت والأزمنة، والذي كان يقوم بالتهام أبنائه عند ولادتهم خوفًا من أن يأخذوا الحكم منه. لكنّ أحد أبنائه، زيوس، يتمكّن من النجاة...وكرونوس موصوف بأنّه صاحب قرن. والقرن رمز مشرقي معروف يشير إلى القوة أو السلطة. الجدير بالذكر هو أنّ كرونوس هو اسم آخر للإله ساترن "أب الآلهة"...، والذي سمّي يوم السبت في التقويم الغريغوري الروماني [أي يوم Satyrday أو Saturday] تيمّنا به وتكريما له. راجع: أليكسندر هِسلوب، The Two Babylons، (نيو جيرسي: شركة ليواوكس وإخوانه، 1959) ص. 32-33.
(8) لقد شاع هذا الافتراض منذ سنة 1936 حيث تمّ بدء العمل ببطاقات الضمان الاجتماعي لأوّل مرة.
(9) ما بين تاريخ 26 أغسطس/ آب، 1929 وتاريخ 26 يونيو/حزيران، 1940، قام الاتحاد السوفيياتي فعلا بإصلاح التقويم الغريغوري وتعديله، وذلك من خلال تغيير طول الأسبوع، في خطوة تحدّ صارخ للديانتين الإسلاميّة والمسيحيّة.
(10) تشارلز فوريلي، "Time and Again, the Calendar Comes Up Short"، جريدة وول ستريت، 31 ديسمبر/كانون الأول، 2009.
11) بينما لا تؤثر على الدورة الأسبوعية كلُ الاحتمالات المطروحة لتقاويم بديلة، فإنّ تقويم العالم (World Calendar) يغيّر من دورة الأسابيع. راجع الموقع الإلكتروني للاتحاد العالمي للتقويم: www.theworldcalendar.org
12) في عام 1937، قام الدكتور جان نوسسابوم بإجراء سلسلة من المقابلات مع كبار الأساقفة الكاثوليك وعلماء الدين الكاثوليكي في باريس وروما. وبعد إجراء المقابلة مع عميد معهد الكتاب المقدس في روما، ذكر نوسسابوم أنّ العميد "لا يرى صعوبة في قبول إصلاح التقويم...ويشعر أنّ الكنيسة [أي الرومانية الكاثوليكية] تمتلك القوّة اللازمة لإحداث هذا التغيير". لقراءة المزيد من ملاحظات نوسسابوم في مقابلاته، يمكنك زيارة: www.4angelspublications.com/mcrm.php
13) لا يُقصد من هذه الآية تعليم عقيدة خلود النفس في العذاب [أي خلود نفس الخاطئ في عذاب أبدي في نار الجحيم]. الكتاب المقدّس يوضّح أنّ أجرة الخطيئة ليست هي الحياة الأبدية في عذاب نار جهنّم. ولكن، "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ...[يهوه] فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بالمسيح...[يهوشوه]...[سيّدنا]" (رومية 6: 23). توضّح رسالة الملاك الثالث أنّ مدّة عقوبة الموت هي أبديّة، أي أنّ الموت سيكون إلى الأبد، وهذا لا يعني أبدًا أنّ النار ستبقى تشتعل وتحرق الأشرار وهم أحياء خالدين فيها إلى أبد الآبدين. راجع (جامعة 9: 5)، "لأَنَّ الأَحْيَاءَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ سَيَمُوتُونَ، أَمَّا الْمَوْتَى فَلاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُمْ أَجْرٌ بَعْدُ لأَنَّ ذِكْرَهُمْ نُسِيَ".