فرصة العالم الأخيرة: نظام عالمي جديد يوشك على البدء: هل أنت مستعد له؟
في هذه المقالة ستتعلّم عن نظام عالمي جديد:
الولايات المتحدة الأميركية والبابوية يريدونه.
سيؤدّي ظهوره إلى أسر العالم كله.
تم التنبّؤ به منذ حوالي 2000 عام.
كيف تتجنّب الوقوع في فخّه.
سيواجه عالمنا (خلال سنوات قليلة لا تصل إلى العقود) أزمة عالمية تنذر بنهايته. ولأن الناس في مختلف أنحاء العالم يحتاجون إلى من ينذرهم بالاستعداد، فقد أخذنا على عاتقنا نشر هذه الرسالة عبر بلدان عديدة مُتكبِّدين في ذلك التكاليف والتضحيات الباهظة.
ولمن يجرؤ على مواصلة القراءة، قد تبدو فكرة هذه الرسالة عن فرصة العالم الأخيرة، مُنافية للعقل بل ومتهورة، لأنّك بطبيعة الحال تأمل في السلام العالمي والازدهار، وليس في أزمة عالمية تغمر العالم وتُجْهِز عليه.
لقد حاولنا مسبقاً تصوُّر رد فعلك وتساؤلك، ولذلك سنبدأ هذه الرحلة عبر المستقبل، بالرَّد على بعض ما يراودك من أسئلة إذ نُطلعك على حقيقة أنّ العالم إنما يحملق في فرصته الأخيرة!
الكتاب المقدس بوصفه المرشد
1) مَن وراء هذا المقال؟
نحن جزء من مجموعة صغيرة من الناس مُنتشرة حول العالم نتـَّخِذ الكتاب المقدس دليلنا وحَكَمنا الأوحد. وبعد أن قضينا وقتاً طويلاً في دراسته، وخاصة الإصحاحات التي تشير إلى مستقبلنا، أدركنا التزامنا بإشراكك فيما تعلــَّمناه. وأمام الأهمية البالغة لهذه المعرفة، نبدي كل استعداد لتحمُّل الصعاب والتضحية في سبيل توفيرها لك، حتى وإن اقتضى ذلك أن نـُضحِّي بحياتنا ذاتها. فهناك مؤثرات وقوى عاتية تعمل جاهدة لحجب هذه المعلومات.
2) لماذا تأخذون الكتاب المقدس بهذه الجدّية؟
في البداية لم نأخذ الكتاب المقدس مأخذ الجد حتى أدهشنا اكتشاف مدى دقــَّتِه. إنه دقيق جداً لدرجة أنّ التنبّؤات التي ترجع إلى آلاف السنين تمَّت في نفس اليوم المتوقع لها وبنفس التفاصيل. وقد اضطرَّنا هذا إلى الإيقان بوجود إله كلي المعرفة وراء الكتاب المقدس، لا يحدُّه الزمان ويعلم النهاية من البداية.
كما تعلمنا أيضاً أنّ يهوه يحبّنا كثيراً لدرجة أنّه أعدَّ لنا مكاناً في السماء. ولكن حيث أننا مصابون بداء الخطيئة، وبالتالي غيرمؤهلين للحياة مع يهوه في السماء، أعدَّ يهوه لنا علاجاً مِن داء الخطيئة هذا.
وما كنّا لنأخذ الكتاب المقدس بمثل هذه الجديّة لولا أنّ يهوه أظهر لنا تحكـّــُمه الكامل ومعرفته التامّة بالمستقبل. تنكشف هذه السيادة بوضوح كبير في سفري: دانيال في العهد القديم والرؤيا في العهد الجديد.
نبوءات الكتاب المقدس التي تحقّقت
3) اذكر لنا مثالاً عن إحدى نبوءات الكتاب المقدس التي تحققت.
جاء في سفر دانيال الإصحاح الثاني أنّ يهوه بيَّن في حلم للملك البابلي نبوخذ نصر أنّ العالم سيشهد أربع إمبراطوريات عالميّة فقط، تمتد من عهده وحتى نهاية العالم. وقد أثبت التاريخ أنّ ما سبق يهوه وعيَّنه هو ما جرى بالفعل. فكانت الإمبراطوريات العالمية الأربع هي : بابل (605 – 538 ق.م)، مادي وفارس (538 – 331 ق. م)، اليونان ( 331 – 168 ق.م)، روما (168 – 476 م). كما أوحى يهوه أنّ روما ستنقسم إلى عشرة دول وأنّه في زمن هذه الدول ستأتي النهاية. وقد أثبت التاريخ دقـَّة كلمة يهوه. فبحلول عام 476 م، انقسمت روما إلى عشرة شعوب ظهرت منها الأمم الأوربية المعاصرة.
كما كـَشَفَ يهوه عن الصفات المميزة لكل إمبراطورية، مثل كيفية نشأتها وسيطرتها وكذلك سقوطها، هذا إلى جانب الخصائص الرئيسيّة لكل حكومة (راجع دانيال 7 و 8). لقد تمَّ تقديم تفاصيل كافية لا يملك أمامها طالبُ التاريخ والكتاب المقدس سوى الإيمان بأن هناك إله في السماء هو الذي يُسيطر على عالمنا.
4) ما الغرض من نبوءات الكتاب المقدس؟
يتمثل الغرض من النبوءة في تحذيرنا من حدوث الأزمات المستقبلية. فعلى سبيل المثال، لقد أنذر يهوه نوحا من الفيضان القادم، وحذر كذلك إبراهيم ولوط من هلاك مدينتى سدوم وعمورة ، وأخبر موسى عن الضربات العشر في مصر. لقد كان عليهم جميعا أن يطيعوا التحذير بإيمان. ولقد تم تسجيل هذه الأحداث لتخبرنا أنّ كل ما قد أخبر به يهوه مسبقا قد حدث بالفعل كما قال. ومن هنا لا يمكننا تجاهل أيّ مما قد أخبرنا به يهوه مسبقا (مع أنه لم يتحقق بعد) لأن ذلك بمثابة تحذير لنا، فإذا أطعنا وقينا أنفسنا من مثل هذه الأزمات.
ومن ثم نجد أنّ نبوءات الكتاب المقدس تهدف إلى شيئين: أولا، جعلنا نؤمن بوجود يهوه الذي يسيطر على كل الأحداث، وثانيا، لتحذيرنا من وضع خطير.
تحذير مُخيف وخطير
5) هل من إنذار نبوي في الكتاب المقدس لم يتحقق بعد؟
في الواقع، مازال أخطر إنذار نبوي ينتظر الإتمام. ولا يوجد ما هو أهم اليوم من فهمنا لهذه النبوءة لأنّ الأحداث تقع بتتابع سريع مما يُنذر بأنّ تحقيقها وشيك.
6) أطلعوني على هذا التحذير النبوي الخطير الذي يوشك أن يتحقق.
"ثــُمَّ تـَبــِعَهُمَا مَلاكٌ ثالِثٌ قائِلاً
بــِصَوتٍ عَظيمٍ إنْ كَانَ أحَدٌ يَسجُدُ لِلوَحشِ وَلـِصُورَتِهِ
ويَقبـَل سِمَتــَهُ على جَبْهَتـِـهِ أو على يَدِهِ فَهُوَ أيضـَــاً سَيَشرَبُ
مِن خــَمْرِ غَضَبِ يهوه المَصبُوبِ صِرفَاً في كَأسِ غَضَبــِهِ وَيُعذَّبُ
بــِنــَارٍ وكِبريتٍ أمَامَ المَلائِكَة القدّيسين وأمَامَ الخروف. ويَصعَدُ
دُخـَانُ عَذَابــِهـِم إلى أبَدِ الآبــِدينَ ولا تـــَكونُ رَاحَةٌ
نــَهارَاً وَليلاً للذِينَ يَسجُدُونَ للوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكــُلِّ مَن
يَقبَلُ سِمَةَ اسمِهِ. هُنا صَبرُ القِدِّيسينَ هُنا الذين يَحفـَظوُنَ وَصايا
يهوه وإيمَانَ يهوشوه" (رؤيا 14 :
9-12).
يصف هذا التحذير المُخيف فريقين من الناس. تمَّ تحذير الفريق الأول من عبادة الوحش وصورته، الأمر الذي يؤدي بهم إلى قبول سمته. أمّا الفريق الثاني فيُنظر إليهم بشكل إيجابي على أنّهم حافـِظو وصايا يهوه. علاوة على ذلك، نجد أنّ وصف المجيء الثاني للمسيح يتبع رأساً هذا التحذير. ومن هنا، نذكر أنّ هذا هو آخر تحذير يُقدَّم قبيل مجيء المسيح ثانية.
7) كيف لي أن أتجنّب عبادة الوحش وصورته وقبول سمته؟
سؤال وجيه. وللرد عليه يجب تعيين هوية الوحش وصورته وسمته. من المنطقي أنّ يهوه لا يمكن أن يُحذرنا مِن هذه الكيانات الخطيرة دون أن يساعدنا على تعيين هويتها بما لا يدع مجالاً للشك. فإلهنا المُحِب لا يتركنا للتخمين عندما يكون مصيرنا الأبدي مهدداً بالخطر. فليس من قبيل الصدفة إذاً، أن نجد وصفاً للوحش وصورته في الإصحاح السابق (رؤيا 13) حيث نجد العديد من المفاتيح للكشف عن هويتهما.
تعيين هوية الوحش
8) كيف يصف الكتاب المقدس هذا الوحش؟
"ثـــُمَّ وَقـــَفتُ على رَملِ البَحْرِ. فرأيتُ وَحْشَاً طالِعَاً مِن البَحرِ لَهُ سَبْعَةُ رُؤوسٍ وعَشَرَةُ قــُرونٍ وعَلَى قــُرُونِهِ عَشَرَةُ تِيجانٍ وَعَلَى رُؤوسِهِ اسْمُ تــَجديفٍ. والوَحْشُ الذي رأيتــُهُ كانَ شِبهَ نــَمِرٍ وَقــَوَائِمـُهُ كَقــَوائِمِ دُبٍّ وَفَمُهُ كَفَمِ أسَدٍ وأعطاهُ الـتــِّنـــّينُ قــُدرَتـــَهُ وَعَرشـَهُ وسُلطاناً عَظيماً. ورأيتُ واحِدَاً مِن رُؤوسِه كأنــَّهُ مَذبُوحٌ للمَوتِ وَجُرحُهُ المُميتُ قد شـُفِيَ وتعجَّبَتْ كُلُّ الأرضِ وَرَاءَ الوَحش. وَسَجَدوا للتــّنــّين الذي أعطَى السُّلطان للوَحشِ وسَجَدوا للوَحش قائِلينَ مَن هُوَ مِثلُ الوَحشِ. مَن يَستــَطيعُ أن يُحارِبَهُ. واُعطِيَ فَمَاً يتكلَّمُ بــِعَظائِمَ وتــَجَاديفَ واُعطِيَ سُلطاناً أن يفعل اثنــَينِ وأربَعينَ شَهراً. فــَفــَتــَحَ فَمَهُ بالتــَّجديف على يهوه لِيُجدِّف على اسمِهِ وعَلى مَسكَنِهِ وعلى السَّاكِنينَ في السماء. واُعطِيَ أن يَصنــَعَ حَربَاً مع القدِّيسين ويَغلُبَهُم وأعطِيَ سُلطاناً على كُلِّ قـــَبيلَةٍ ولِسَانٍ وأمَّةٍ. فــَسَيَسجُدُ لَهُ جَميعُ السَّاكِنينَ على الأرضِ الذينَ لَيسَتْ أسماؤهُم مَكتوبَةً مُنذُ تأسيس العالم في سِفرِ حيَاة الخَروفِ الذي ذُبــِحَ. ... ويَجعَل الجَميعَ الصِّغارَ والكِبَارَ والأغنِياءَ والفُقَراءَ والأحرَارَ والعَبيدَ تـُصنــَعُ لهم سِمَةٌ على يَدِهُم اليُمنــَى أو على جَبهَتِهِم. وأن لا يَقدِرَ أحَدٌ أن يَشتَرِيَ أو يَبيعَ إلا مَن لَهُ السِّمَة أو اسمُ الوَحشِ أو عَدَدُ اسمِهِ. هُنا الحِكمَةُ. مَن لَهُ فَهمٌ فليَحْسِبْ عَدَدَ الوَحشِ فإنــَّهُ عَدَدُ إنسانٍ. وَعَدَدُهُ سِتــُّمِئَةٍ وسِتــَّةٌ وَسِتــُّونَ" (رؤيا 13 : 1-8 و 16- 18).
9) الفقرة أعلاه مليئة بالرموز فكيف يتسنى لي فهمها؟
يلزمنا أن ندع الكتاب المقدس يُفسِّر رموزه بنفسه. فالمفروض أن نتوقع من يهوه أن يكون قد أوحى بمعنى هذه الرموز في الكتاب المقدس لمنفعتنا. لذلك ما نحتاجه هو بعض الاجتهاد في الدراسة لمعرفة تفسير هذه الرموز وتوضيحها في الكتاب المقدس، وبذلك نتجنـَّب التخمين البشري.
إنّ الكتاب المقدس يشجب بالفعل التخمين البشري لأن "كُلَّ نـُبُوَّةِ الكِتابِ لَيسَتْ مِن تــَفْسيرٍ خَاصٍّ" (2 بطرس 1 : 20)، أي أنّ الكتاب المقدس يقوم بتعريف رموزه الخاصة. فعلى سبيل المثال، يحتوي سفر الرؤيا على 404 آية، منها 278 آية توجد كلمة بكلمة تقريباً في أسفار أخرى من الكتاب المقدس، حيث يتم شرح معناها.
لذلك نشجعكم على الاقتداء بأهل بيرية (أعمال الرسل 17: 10، 11). بوضع كل تعليم على محكّ اختبار الكتاب المقدس. ذلك أنّ كل مَن يَدرُس الكتاب المقدس بروح الصلاة، راغباً في أن يعرف الحق ليطيعه، سيفهم الكتاب المقدس. "إنْ شــَاءَ أحَدٌ أنْ يَعمَلَ مَشيئــَتــَهُ يَعرِف التــَّعليمَ هَل هُوَ مِن يهوه أم أتكلَّمُ أنا مِن نــَفسِي" (يوحنا 7 : 17).
10) ما هي الرموز اللازم فكـّها لتعيين هوية الوحش وسمته؟
هناك العديد من الرموز عن الوحش، بيد أنّنا سنكتفي بتلك الرموز اللازمة للتعرف عليه. وهذه الرموز هي "الوحش" و"التنين" و"البحر" و"اثنين وأربعين شهراً" و"التجديف".
الوحش:
الوحش في نبوءات الكتاب المقدس هو رمز لِمَلِك أو مملكة. "هؤلاءِالحَيَواناتُ العَظيمَةُ التي هِيَ أربَعَةٌ هِيَ أربَعَةُ مُلوكٍ...
أمَّا الحَيَوَانُ الرَّابع فَتــَكونُ مملَكَةٌ
رَابــِعَةٌ"(دانيال 7 : 17، 23). بدراسة هذا الوحش نكون
بصدد دراسة مملكة فريدة من نوعها، لأنّها ليست سلطة سياسية فحسب، بل وسلطة دينية
أيضاً، لأنّ الشعوب "سَجَدوا
للوَحْش" (رؤيا
13 : 4).
التنين: التنين بحسب الكتاب المقدس، هو اسم آخر للشيطان، أبو
الأكاذيب والخدع، "التنين العظيم...المَدعُوُّإبليسَ والشَّيطان الذي يُضِلُّ العَالَمَ كُلَّهُ". وهذا يعني أنّه عندما يعطي الشيطان "قـُدرَتـــَهُ وعَرشَهُ وسُلطاناً عَظيماً" إلى الوحش، فيمكننا أن نتوقع أن يتصرَّف الوحش بنفس
الأساليب الشريرة والمُضلة التي يتبعها الشيطان. ومن ثم، يمكن توقّع قدر كبير من
الخداع في شؤون الوحش. (رؤيا 12 : 9؛ 13 : 2).
البحر: البحر في نبوءات الكتاب المقدس يرمز إلى حشد من شعوب كثيرة مختلفة: "المِياهُ... هِيَ شُعوبٌ
وَجُمُوعٌ وأمَمٌ وألسِنـــَةٌ" (رؤيا 17 : 15). وبناءً على ذلك، فإنّ هذه المملكة أو
القوة الفريدة قد طلعت من البحر، دليلاً على طلوعها من موقع في العالم مأهول
بكثافة، بجنسيات مختلفة من الناس.
اثنان وأربعون
شهراً: تـُعادل هذه
الفترة ثلاث سنوات ونصف (42 مقسومة على 12 شهراً). عِلماً بأنّ الكتاب المقدس
مكتوب وفقاً للتقويم اليهودي حيث تساوي كل سنة 360 يوماً (كل شهر 30 يوماً).
وهكذا، فإنّ الثلاث سنوات والنصف والاثنين وأربعين شهراً كلٌّ منهما يساوي 1260
يوماً. أمّا سبب قيامنا بتغيير الأشهر إلى ما يساويها من أيام هو أنّه كلما قدَّم يهوه
نبوّات زمنية، كثيراً ما عادل اليوم بسنة: "فتـَحْمِلَ
إثمَ بيتِ يَهوذا أربَعينَ
يَوماً. فــَقــَد جَعَلتُ لَكَ كُلَّ يَومٍ عِوَضَاً عن سنةٍ" (حزقيال 4 : 6). "كَعَدَدِ الأيَّامِ التي تــَجَسَّستـُم فيها الأرضَ أربعينَ
يَومَاً، لِلسَنــَةِ يَومٌ، تــَحمِلونَ ذُنوبَكُم أربَعينَ سَنــَةً
فــَتــَعرِفُونَ ابتِعَادِي"(عدد 14 : 34).
وهكذا فإنّ الاثنين والأربعين شهراً التي جاءت في النبوءة تشير إلى مدة 1260 سنة خلالها اُعطِيَ الوحش "فــَمَاً يتكلَّم بــِعَظائِمَ وتجادِيفَ... واُعطِيَ أن يَصنــَعَ حَربَاً مَعَ القدِّيسينَ ويَغلُبَهُم وأعطيَ سُلطاناً على كُلِّ قَبيلَةٍ ولِسانٍ وأمَّةٍ" (رؤيا 13 : 5 ، 7). بمعنى أنّ الوحش سيقوم أثناء هذه المدة بالتجديف على يهوه وباضطهاد المسيحيين، وسيكون له سلطاناً كبيراً.
التجديف: يتم تعريف التجديف في الكتاب المقدس بطريقتين. الطريقة الأولى: عندما يدّعي شخص أنّه يهوه أو أنه نائب يهوه "أجابَهُ اليَهوُدُ قائِلين لَسنــَا نــَرجُمُكَ لأجلِ عَمَلٍ حَسَنٍ بَلْ لأجلِ تــَجدِيفٍ فإنــَّكَ وأنتَ إنسانٌ تــَجعَلُ نــَفسَكَ إلهاً" (يوحنا 10 : 33). إذاً فالوحش، تلك القوة والمملكة السياسية الدينية، قد ادَّعت الألوهية وقد جدَّفت على يهوه بادّعائها أنّها تشغل مكان يهوه على الأرض. والطريقة الثانية لارتكاب التجديف هي مِن خلال منح الغفران (ادِّعاء القدرة على غفران خطايا الآخرين). "لماذا يَتــَكلَّمُ هَذا هَكذا بــِتــَجادِيف؟ مَن يَقدِرُ أن يَغفِرَ خــَــطايا إلا يهوه وَحْدَهُ؟" (مرقس 2 : 7 ).
هذا الوحش، أي تلك المملكة السياسية الدينية، قد جدّف على يهوه ليس فقط من خلال شــَغل مكان يهوه على الأرض، بل أيضاً بادعائه القدرة على غفران الخطايا. فلا عجب أنّ للوحش "اسم تجديف". "فــَتــَحَ فــَمَهُ بالتــَّجدِيفِ على يهوه ليُجدِّفَ على اسمِهِ" (رؤيا 13 : 1، 6) وذلك لأنّ الوحش يدَّعي سلطات ليست إلا مِن حق يهوه وحده.
السمات التسع الأساسية
وبعد السماح للكتاب المقدس بتفسير معاني الرموز الخاصة الموجودة به، يمكننا الآن إلقاء الضوء على السِّمات التسع الرئيسة التي تـُميِّز الوحش لنحدِّد أيّة قوة في التاريخ تتمّم هذه الخصائص. علماً بأنّ هذه ليست الخصائص الوحيدة المذكورة في كلمة يهوه التي تصف الوحش، بل هناك العديد منها. ونأمل أن تقودكم هذه المجموعة من مفاتيح التمييز، إلى تفتيش الكتاب المقدس بحثاً عن المزيد.
1) يجمع الوحش سلطة سياسية ودينية في نفس الوقت. "وَسَجَدوا للتــِّنين الذي أعطى السُّلطانَ للوَحشِ، وسَجَدوا للوَحشِ قائلينَ: مَن هُوَ مِثلُ الوَحشِ؟" (رؤيا 13 : 4).
2) تبَّوأ الوحش السلطة في منطقة من العالم مأهولة بكثافة سكانية كبيرة. "ثــُمَّ وَقــَفْتُ على رَملِ البَحرِ، فــَرأيتُ وَحشَاً طالِعَاً مِن البَحرِ..."(رؤيا 13 : 1).
3) نال الوحش قوته وسلطانه من الشيطان، مما يجعلنا نتوقّع أن يكون تاريخه حافلاً بقدر كبير من الخداع. "والوَحشُ... أعطاهُ التــِّنـّين قــُدْرَتــَهُ وعَرْشــَهُ وسُلطاناً عَظيماً" (رؤيا 13 : 2).
4) حكم الوحش بقسوة، ممارساً هيمنة (سيادة) مطلقة لمدة 1260 سنة. يجب أن تكون هناك نقطة بداية واضحة لهذه الفترة وأن تنتهي بـ "الجرح المميت". "وأعطِيَ سُلطاناً أن يَفْعَلَ اثنــَينِ وأربَعينَ شــَهرَاً"، "ورأيتُ واحِدَاً مِن رُؤوسِهِ كَأنــَّهُ مَذبُوحٌ للمَوتِ"... "واُعطِيَ سُلطاناً على كُلِّ قـــَبيلَةٍ ولِسَانٍ وأمَّةٍ" (رؤيا 13 :5 ، 3 ، 7).
5) اضطهد الوحش المسيحيين لمدَّة 1260 سنة. "واُعطِيَ أنْ يَصنــَعَ حَرْبَاً مَعَ القدِّيسِينَ ويَغْلُبَهُم" (رؤيا 13 : 7).
6) سيُشفـَى الوحش تـَمامَاً مِن "جُرحِهِ المُميت" وسيتعجب كل العالم وراءه. "وَجُرْحُهُ المُمِيتُ قد شــُفِيَ وتعجَّبَتْ كُلُّ الأرضِ وَرَاءَ الوَحْشِ" (رؤيا 13 : 3).
7) للوحش عدد غامض 666 يُشير إلى منصبه واسمه. "... مَن لَهُ فــَهْمٌ فــَليَحسُبْ عَدَدَ الوَحْشِ، فإنهُ عَدَدُ إنسانٍ، وَعَدَدُهُ سِتــُّمِئةٍ وسِتــَّةٌ وسِتــُّونَ" (رؤيا 13 : 18).
8) يُجدِّف الوحش بادِّعائه أنّه يهوه وبمنحه الحلّ (القدرة على غفران الخطايا).
9) صرَّح الوحش بادعاءات تجديفية أخرى، إذ قام بأعمال هي من حق يهوه وحده دون سواه. "واُعطِيَ فــَمَاً يَتــَكَلَّمُ بــِعَظائِمَ وتــَجادِيفَ" (رؤيا 13 :5).
عزيزي القارئ، ما هي القوة التي جاءت في التاريخ وتتمم كل هذه السمات؟ لا توجد هناك سوى إجابة واحدة لذوي القلوب الأمينة: إنّها كنيسة الروم الكاثوليك. فكنيسة الروم الكاثوليك هي الوحش الذي ينذرنا يهوه منه بدافع محبته. ليس الهدف من هذا المقال التهجُّم على الروم الكاثوليك، إنما كشف النقاب عن النظام الكاثوليكي. لا نقصد الإساءة إلى أحد، ولكنّ هدفنا هو تشجيع البحث عن الحقائق والتثبت منها.
11) يُرجى دعم هذا الاستنتاج بالحقائق والأدلة التاريخية.
دعونا نأخذ كل صفة مميزة لنرى كيف أنّ التاريخ يشير بصورة حصرية إلى كنيسة الروم الكاثوليكية.
1. تجمع كنيسة الروم الكاثوليك بين السلطة السياسية والدينية في آن واحد:
لقد رأى القديس يوحنا ذلك في رؤيا نبوية خاصة بالمملكة الرابعة والأخيرة للعالم والتي وصفها بـ "امرأةً جالِسَةً عَلى وَحْشٍ قِرمِزيٍّ" (رؤيا 17 : 3).
المرأة في الكتاب المقدس ترمز إلى الكنيسة، "حَقــّاً إنــَّهُ كَمَا تــَخونُ المَرأةُ قــَرينــَها، هكذا خــُنتــُمونِي يا بَيتَ إسرائيل يَقولُ يهوه" (ارميا 3 : 20) "لأنــِّي خـَطَبتــُكُم لِرَجُلٍ واحِدٍ لأقــَدِّمَ عَذرَاءَ عَفيفَةً للمَسيّا" (2 كورنثوس 11: 2).
وعلاوة على ذلك، فمن المعلوم باتفاق الآراء، أنّ الوحش يمثل أمة. وحتى في عالمنا المُعاصر هذا، نجد أنّه يُرمَز للأمم بالوحوش. فالولايات المتحدة الأميركية، على سبيل المثال، يُرمَز إليها بالنسر، وروسيا بالدُّب، والصين تحمل صورة تنين.
كشف يهوه لدانيال من قديم الزمان كافة إمبراطوريات العالم حتى انقضاء الدهور. وفي إحدى هذه الرؤى رأى دانيال أنّ الوحش الأخير "كانَ مُخالِفــَاً لِكُلِّها" (دانيال 7 : 19). ولكن كيف سيكون مخالفاً؟ بحسب ما جاء في سفر الرؤيا 17 : 3، وكما رأينا سابقاً، سيكون لهذا الوحش (الأمة) امرأة (كنيسة) تحكم عليه.
واليوم، هل توجد كنيسة ودولة تعملان معاً كقوة
مُعتــَرَف بها عالمياً؟ إنّ الكيان الوحيد في العالم الذي حقّق ذلك هو كنيسة
الروم الكاثوليك.
هذا، وَيُعَدّ بابا الروم الكاثوليك بمثابة القائد الديني المُطلق لأكثر من بليون تابع في جميع أنحاء العالم.
"إنّ بابا روما، باعتباره خليفة بطرس، هو المصدر والأساس الدائم والمنظور لوحدانية المطارنة وكل جماعة المؤمنين" [مجلس الفاتيكان الثاني (1962 – 1965)].
"يتعيَّن على كل كاهن أن يطيع البابا حتى وإن أمَرَ بالشــَّر، ذلك لأنّه لا يوجد مَن يُمكِن أن يدين البابا" [البابا انوسنت الثالث (1198 – 1216)].
وفي الوقت نفسه، يُعتــَبَر البابا ملكاً على دولة الفاتيكان المستقلة. إنّ الفاتيكان دويلة متميزة ذات سيادة مطلقة بالرغم من أنّها تقع داخل إيطاليا. ومن ثم، فإنّ البابوية تمثل سلطة فريدة من نوعها تجمع بين السلطتين المدنية والدينية.
2. تبوّأت كنيسة الروم الكاثوليك السلطة في منطقة من العالم كثيفة السكان:
إنّ هذا يُصوِّر تماماً كنيسة الروم الكاثوليك وهي تطلع وسط قوى أوروبا وشعوبها المتعددة.
3. إنّ تاريخ الكنيسة الكاثوليكيّة حافل بالغش والخداع.
يؤكد الكاثوليك المطّلعون أنّ الباباوات استخدموا التزييف والتلفيقات الكاذبة كأسلوب لحياتهم. ومما يؤكد ذلك أنّ "هانز كونج"، وهو كاهن لاهوتي، كان مستشاراً لمجمع الفاتيكان الثاني (1962 – 1965)، صرَّح أنّ الباباوات منذ القرن الخامس "بالفعل قاموا بتوسيع نفوذهم بتزييفات صريحة" (الكنيسة الكاثوليكية: تاريخ قصير، ترجمة جون بودين، صفحة 61).
ومن أنصع الأمثلة على ذلك وثيقة "تبرُّع قسطنطين"، بتاريخ 30 آذار(مارس)، سنة 315 م، والتي لفـَّقتها الكنيسة الكاثوليكية من أجل توسيع نطاق سلطتها ونفوذها. فبواسطة هذه الوثيقة المُزيّفة، أقنع البابا اسطفانوس الثالث، في القرن الثامن، بيبن، ملك الفرنجة بأنّ "قسطنطين" وهب أراضي اللمبارديين إلى الكنيسة الكاثوليكية. مما جعل "بيبن" يُقاتل اللمبارديين ويقوم باغتصاب المدن لحساب البابا. وقد تم إثبات تزييف هذه الوثيقة عام 1440 بواسطة مساعد بابوي يدعى "لورنزو فالا"، ولكن الباباوات، واحداً تلو الآخر، لم يعترفوا بهذا التزييف أو يُقرِّوا به. وإلى يومنا هذا، توجد منقوشة في جرن معمودية القديس "يوحنا لاتيران" في روما تخلد هذه الوثيقة المزيفة.
البابا يدعو لنظام عالمي جديد: مدينة الفاتيكان – (الأسوشيتدس برس) "أعلن البابا يوحنا بولس الثاني بدء العام الجديد، يوم الخميس بدعوة مجددة لتكوين نظام عالمي جديد مؤسس على احترام كرامة الإنسان والمساواة بين الأمم". الخميس/كانون الثاني (يناير) 2004، تم الإعلان عنه 9:21 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (9:21 بعد الظهر بتوقيت جرينتش).
"إنّ السمة السائدة بشكل كبير لنظام ضد المسيح بأكمله – النظام العالمي الجديد – تتمثل في الغش الصارخ. في الواقع، إنّ كـَتـَبَة النظام العالمي الجديد يتباهون بخدعهم المخططة، لأنّهم يؤمنون بتبجّح أنّ الأغلبية العظمى من سكان العالم أغبى وأكسل من أن يعرفوا ما فيه خيرهم. ولا يعرف سوى مخططو النظام العالمي الجديد ما فيه خير العالم، وقد قرروا أنّهم لن يستطيعوا تحقيق أهدافهم إلا بواسطة الغش المتعمد للجماهير المسكينة" (بيل كوبر – "هوذا حصان شاحب"، صفحة 49).
4. لقد حكمت الكنيسة الكاثوليكية بقسوة لمدَّة 1260 سنة، كانت خلالها هي القوة المسيطرة الوحيدة على الشعوب. ولهذه الفترة نقطة بداية واضحة، وكذا "جرح مميت" في نهايتها:
تلقــَّت كنيسة الروم الكاثوليك جرحها المميت عام 1798،
عندما تمَّ أسر البابا "بيوس السادس" بواسطة نابليون وأخذ سجيناً إلى
فرنسا.
"دخل قائد الجيش "برثييه"روما عام 1798، وألغى الحكم البابوي وأقام حكومة علمانية (دنيوية)" (دائرة المعارف البريطانية طبعة 1941).
ومع تحقق نهاية النبوءة عام 1798، نجد أنه بالرجوع 1260 سنة نصل إلى عام 538م. ومن أجل أن تنطبق هذه العلامة المميزة على البابوية، لا بد وأن يكون قد وقع عام 538م حدث هامّ ليحدِّد بدء فترة الـ 1260 سنة.
تكشف الأدلة التاريخية أنّه في عام 533م، أقرَّ الإمبراطور الروماني "جستنيانوس" بسيادة البابا الكنسية باعتباره "رأس" كافة الكنائس المقدسة في مشارق الإمبراطورية الرومانية ومغاربها. ومع هذا، فلم يتأتّ للبابوية التحرّر من آخر معارضيها الآريين – أي القوط الشرقيين – (الذين كانوا يحكمون إيطاليا في ذلك الحين) – حتى عام 538م. فعندئذ فقط برز البابا بوصفه الزعيم القائد في الغرب. وهكذا، ففي عام 538م أعِدّت العدّة لصعود نجم البابوية بصفة تدريجية ولكن دائمة ومستمرة.
"اعتلى... "فيجيليوس" الكرسي البابوي (538م) تحت الحماية العسكرية لــ بيلساريوس" (تاريخ الكنيسة المسيحية، المجلد 3، صفحة 327).
وبازدياد بطش البابوية، أخضَعَت ليس فقط أتباعها، بل أيضاً حكام أوروبا وملوكها. ولأجل هذه الغاية أصدر الباباوات عدّة وثائق بابويّة دعماً لسلطتهم على ملوك أوروبا:
"إنّ مِن صلاحيات البابويّة أن تدوس الملوك والأباطرة تحت الأقدام" (ج.هـ. إجناز دولنجر: البابا والمجلس، (لندن)، صفحة 35).
"فلتخشوا، إذاً، مِن غضبنا ورعود انتقامنا؛ ذلك لأن يسوع المسيح عيّننا (الباباوات) بفمه كحكام مطلقين على كافة البشر؛ كما أنّ الملوك أنفسَهم يخضعون لسلطتنا" البابا نيكولاس الأول (858 – 867م).
أعلن البابا جريجوريوس الحادي عشر، في المرسوم البابوي بتاريخ 1372م تحت عنوان "عشاء الرب"،سيادة البابويّة على كل العالم المسيحي علمانيّاً كان أم دينياً، وحرم كلّ من تقاعسوا عن طاعة الباباوات وتأدية الضرائب لهم. وقد تمّ تأييد هذا الإعلان البابويّ من قبل الباباوات اللاحقين، وفي عام 1568، أقسم البابا بيوس الخامس جهاراً أن يستمر هذا القانون إلى الأبد.
أمّا الإثبات العملي المؤكّد للمزاعم السابقة فهو معاملة البابا جريجوريوس السابع عام 1077م للملك هنري الرابع، إمبراطور ألمانيا. فعندما تجاهل الملك سلطة البابا، قام البابا بحرمه وخلعه عن العرش. فقرّر هنري التّصالح مع البابا، ومن ثمّ عَبَرَ جبال الألب في منتصف الشتاء إذلالاً لنفسه. ولمّا بلغ قلعة البابا، كان عليه أن ينتظر الإذن لرؤية البابا في الساحة الخارجية، وهو حافي القدمين، مكشوف الرأس، وكان مرتدياً ملابس رثة. وكان على الملك أن يقضي ثلاثة أيّام في الصوم والتذلّل قبل أن يعفو البابا عنه.
وفي الوقت الحاضر ما يزال هذا الزعم بالسيادة على قادة العالم مدعوماً من قبل البابوية:
"لا يحكم على الكرسي الأول (بابا روما) أحد. من حق البابا الروماني وحده محاكمة... أولئك الذين يشغلون أعلى المناصب المدنية في الدولة... ولا يوجد هناك استئناف أو دعوى ضدّ قرار أو مرسوم يصدر من قبل بابا روما" (دستور القانون الكنسي، المطبعة البوليسية، 1985، صفحة 951 و271).
5. اضطهدت كنيسة الروم الكاثوليك المسيحيين أثناء مدة الـ 1260 سنة:
أثناء هذه الفترة من التاريخ (والتي تــُعرف أيضاً
بالعصور الوسطى)، مارست الكنيسة الكاثوليكية سيطرة قوية على أوروبا، وفرضت على كل
مواطن أن يكون كاثوليكياً رومانياً. وكان لا بُدَّ لكلّ مَن يمتنع عن أو يعارض
الإذعان الكامل للبابا أن يُعرِّض نفسه للعقاب والتعذيب وحتى الموت. ممّا أدَّى
إلى أن يصبح النظام الكاثوليكي الرّوماني واحداً من أكثر الأنظمة التي شهدها
العالم اضطهاداً للأديان على الإطلاق، على حدِّ ما ورد في "كهنة يسوع المسيح:
الجانب المظلم للبابوية" تأليف بيتر دي روزا، صفحة 180.
"يسجل التاريخ استشهاد ما يزيد على مئة مليون شخص بسبب اعتناقهم إيماناً مخالفاً لكنيسة روما" (قراءات مختصرة للكتاب المقدس، صفحة 16).
"يجب علينا اعتبار محكمة التفتيش... في مصاف أحلك الوصمات في سجل البشرية" (ويل دوران، قصة الحضارة مجلد 4، صفحة 78).
"إنّ سفك كنيسة روما دماً بريئاً أكثر من أي نظام آخر، أمر لا يشكّ فيه أي بروتستانتي مُلـِمّ بالتاريخ إلماماً كاملاً. ومن المستحيل على الخيال أن يُكوِّن صورة كاملة لحشود ضحاياها، ومِن المؤكّد تماماً استحالة تـَصوُّر آلام أولئك الضحايا ومعاناتهم"(و. ي. هـ. ليكي، "تاريخ نشأة وتأثير روح العقلانية في أوروبا"، مُجلـَّد 2 : 32، طبعة 1910).
وسيجد القارئ في الموسوعة الكاثوليكية، مجلد 12 صفحة 266، مقالة مُطوَّلة في وصف ما يُدعى حق كنيسة الروم الكاثوليكيّة في معاقبة "الهراطقة" الذين كانت جريمتهم الوحيدة هي أنّهم كانوا مسيحيين أبرياء يؤمنون بالكتاب المقدس.
6. ستبرأ كنيسة الروم الكاثوليك بشكل كامل من "جرحها المميت" وسيتعجَّب العالم كلّه وراءها:
عند موت البابا بيوس السادس في الأسر في فرنسا عام 1799، توقع العالم نهاية كنيسة الروم الكاثوليك. غير أنّ يهوه كان قد أخبرنا منذ حوالي 2000 سنة مضت أنّ الوحش سيبرأ من "جرحه المميت". وإليك كيفية وصف النيويورك تايمز شفاء الوحش، أي البابوية:
"شفاء الجرح المميت: روما، 7 حزيران (يونيو) – منذ الساعة الحادية عشرة هذا الصباح قامت دولة أخرى مستقلة ذات سيادة في العالم. في ذلك الوقت تبادل رئيس الوزراء موسوليني... مع الكاردينال جاسباري رئيس الوزراء البابوي، ممثل البابا بيوس الحادي عشر، التوقيع والتصديق على المعاهدات المُبرمة في قصر لاتيران في 11 شباط (فبراير). وبهذا العمل البسيط ظهرت دولة الفاتيكان المُستقلة إلى حيـِّز الوجود". (نيويورك تايمز، 7 تموز (يوليو) 1929).
وطالعتنا "سان فرانسيكسكو كرونيكيل" بـ "شفاء" البابوية كما يلي:
"موسوليني وجاسباري (الكاردينال) يوقّعان ميثاقاً تاريخياً... يُبرئ جرح سنين عديدة" (سان فرانسيسكو كرونيكال، 7 تموز (يوليو) 1929).
فهل "يتعجّب" العالم اليوم وراء البابوية، كما أنبأنا الكتاب المقدس؟
"إنّ أفضل طريقة لإكرام البابا يوحنا بولس الثاني، والذي هو بحقّ واحد من العظماء، هي أن نأخذ تعاليمه بجدية وأن نستمع إلى كلماته ونضع كلامه وتعاليمه موضع التنفيذ هنا في أميركا. وهذا تحدٍّ، علينا قبوله" (الرئيس جورج و. بوش، 21 آذار (مارس) 2001).
"إنّ البابا يوحنا بولس الثاني يُعتبر أحد أعظم قادة هذا القرن أدبياً وروحياً". (بيلي جراهام في الساتردي بوست المسائية، كانون الثاني (يناير) / شباط (فبراير) 1980).
"أنا معجب بشدة بالبابا يوحنا الثالث والعشرين، لأنّي أشعر أنّه أدخل إلى العالم حقبة جديدة" (بيلي جراهام، شيكاغو تريبيون، 8 حزيران (يونيو) 1963).
"يحتفل البابا يوحنا بولس الثاني بالقداس في الخلاء بالأسبانية لأكثر من مليون شخص في مكسيكو سيتي" (النيويورك تايمز، 25 كانون الثاني (يناير) 1999).
"حدث ليلة الأربعاء أثناء سير الأب المقدس مع "جور"، نائب الرئيس صوب طائرته "الراعي 1" ليستقلها ويعود إلى روما، أنّ الناس بكوا ملوِّحين بالمناديل وهم ينشدون: "يوحنا بولس الثاني، نحن نحبك!" لقد كانت زيارة البابا لسانت لويس قصيرة لكنها فعَّاله ومُؤثرة" (28 كانون الثاني (يناير) 1999، )أي دبليو. تي للأخبار).
"ما مِن شك أنّ ذكرى بولس السادس ويوحنا الثالث والعشرون ويوحنا بولس الثاني، ستدوم باعتبارهم أعظم باباوات للسلام، فهم روَّاد التفوُّق الهائل للكنيسة الكاثوليكية على أعتاب العصر الجديد". (روبرت مولر، المساعد السابق للسكرتير العام للأمم المتحدة).
7. لكنيسة الروم الكاثوليك عدد غامض هو 666:
إنّ لقب البابا الرسمي هو "Vicarius Filii Dei"، الذي ترجمته "نائب ابن الله". ولتأكيد ذلك قالت الصحيفة الكاثوليكية "Our Sunday Visitor" في عدد 18 نيسان (أبريل) 1915: "إنّ الحروف المنقوشة على تاج البابا هي:
"Vicarius Filii Dei". وحيث أنّ حروفاً معيّنة في اللغة اللاتينية لها قيمة عدديّة، فلا يعوزنا سوى جمعها لنجد أنّها 666".
8. جدّفت الكنيسة الكاثوليكية بادّعائها أنّها يهوه ولها حق الحلّ (منح الغفران):
"إنّنا نحتلّ على هذه الأرض مكان الله القدير" (البابا ليو الثالث عشر، في خطاب دوار، بتاريخ 20 حزيران (يونيو) 1894).
"إنّ البابا ليس فقط نائب يسوع المسيح، بل هو يسوع المسيح، مستتراً بستار من الجسد" (الكاثوليك ناشيونال، تموز (يوليو) 1895).
"أمّا المعلّم الأعلى في الكنيسة فهو البابا الروماني... (الذي) يطالب بخضوع تام وبالطاعة الإرادية... كما لله ذاته" (البابا ليو الثالث عشر، الرسائل العظيمة العامة، صفحة 193).
"يبدو أنّ البابا بولس الثاني يترأّس الكنيسة الجامعة من موقعه على صليب يسوع المسيح" (مقتبسة من مقالة بعنوان "أسقف أوكلاند يصرح بأنّ البابا يترأس من الصليب"، نيوزيلندا، 20 أيلول (سبتمبر) 2004، Zenit.org).
لقد خلقت الكنيسة الكاثوليكية "سوقاً" واسعة على الأرض لنوع فريد من التجارة لا ينازعها فيه منافس، وتحظى بإقبال منقطع النظير. لقد ادَّعت أنّ لها الحق في بيع نعمة يهوه وغفرانه المجاني للخطاة. وتدَّعي هذه القوة المجدِّفة، حتى يومنا هذا، القدرة على مغفرة الخطايا.
"بل سوف تتضمّن هذه السلطة القضائية، القدرة على مغفرة الخطايا" (الموسوعة الكاثوليكية، مجلــَّد 12، مقالة "البابا"، صفحة 265).
"والله نفسه مُلزم بالتقيد بحكم كاهنه، سواء بالعفو أو عدم العفو، على حسب رفض الكهنة أو قبولهم منح الحل، شريطة أن يكون التائب أهلاً له" (كرامة وواجبات الكاهن، صفحة 27، مطبعة الأبرشية الرسولية المقدسة، نيويورك: الأخوان بنزجر، 1888).
9. صرَّحَت كنيسة الروم الكاثوليك بادعاءات تجديفية أخرى، بقيامها بأعمال هي مِن حق يهوه دون سواه:
إليك أمثلة من الادعاءات والتعاليم التجديفية لكنيسة الروم الكاثوليك:
"إنّ الكاهن يمتلك القوة التي للمفتاح، القدرة على إنقاذ الخطاة من الجحيم، وجعلهم يستحقّون الجنّة، وعلى تحويلهم من عبيد الشيطان إلى أبناء الله. والله نفسه مُلزم بالتقيّد بحكم كهنته... إنّ السيد حاكم الكون إنّما يتبع خادمه بتأييده في السماء لكل ما يقرره الخادم على الأرض" (ليكوري، "كرامة وواجبات الكاهن"، صفحة 27و28).
"وهكذا جاز للكاهن، بشكل ما، أن يُدعىخالق خالقه، ما دام أنّه إذ يتفوّه بكلمات التكريس يخلق – إن جاز التعبير – يسوع المسيح في الطقس الديني (القربان المقدس)، بمنحه وجوداً سرياً وتقديمه كضحية للآب الأبدي... إنّ قدرة الكاهن لهي قدرة الذات الإلهية، إذ أنّ تحويل الخبز يستلزم نفس القدرة المطلوبة لخلق العالم" (القديس بيرنادين السيناوي).
"الكهنة هم مخلّصو العالم" (القديس جيروم).
أمّا بالنسبة لأعمالها التجديفيّة، فلقد اقترفت الكنيسة الكاثوليكية أكثر الأفعال تجديفاً، إذ قامت بتغيير الشريعة السماوية ذاتها أي الوصايا العشر. ذلك أنها تجاسرت على إلغاء الوصية الثانية بالكامل لأنّها تدين ممارساتها وطقوسها. والأسوأ من ذلك أنها حرّمت استعمال التقويم الوحيد الذي يمكن بواستطته معرفة سبت اليوم السابع بحسب الوصية الرابعة (خروج 20: 8- 11). فالتقويم الإلهي تقويم قمري شمسي (تكوين 1: 14- 18، مزمور 104: 19)، لكنّ روما قامت بإلغاء هذا التقويم عن طريق استبداله بتقويم وثنيّ الأصل هو التقويم اليولياني الذي طرحه يوليوس قيصر عام 46 ق. م. ثمّ قامت الكنيسة الكاثوليكيّة بتعديله في عهد البابا غريغوريس الثامن، فكانت النتيجة التقويم الميلادي الحالي الذي لا علاقة له بالقمر لا من قريب ولا من بعيد. وبهذا، تمّ خداع العالم المسيحي بخدعة هائلة وهي أنّ يوم الأحد الحالي هو أول الأسبوع في عهد السيّد المسيح، وهو اليوم الذي قام فيه من الأموات، وبالتالي يجب حفظه كيوم مقدّس بدلاً من سبت الوصية الرابعة الذي يُحسب بحسب تقويم يهوه الذي يعتمد على العمل المنتظم للقمر والشمس سويّة. للمزيد من الدراسة في هذا الموضوع المصيري، برجاء النقر هنا.
لقد تجرأت الكنيسة الكاثوليكية على تغيير وصايا يهوه بالرغم من أن يهوه أعطى آدم وصية السبت الأبدية هذه عند الخلق، وقد أكّد لنا يهوه قائلاً:"لا أنقــُضُ عَهدِي، وَلا اُغَيِّرُ ما خـَرَجَ مِن شــَفــَتـَيَّ"(مزمور 89 : 34).
إنّ الوصايا العشر هي الجزء الوحيد في الكتاب المقدس الذي نطق به صوت يهوه في محفل عام. ولضمان عدم إغفال موسى حرفاً منها، كتبها يهوه بإصبعه وسلـَّمها له. "هَذِهِ الكَلِمَاتُ – الوصايا العشر – كَلَّمَ بــِهَا يهوه كُلَّ جَمَاعَتِكُم ... وَلَمْ يَزِدْ. وَكَتــَبَها على لَوحَينِ مِنْ حَجَرٍ..." (تثنية 5 : 22).
وقد شدّد يهوشوه المسيح على ثبات الوصايا العشر وعدم تغييرها عندما قال: "زَوَالَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أيْسَرُ مِنْ أنْ تــَسْقُطَ نـُقـْطَةٌ واحِدَةٌ مِنَ النـَّامُوسِ" (لوقا 16 : 17). إنّ السماء الساطعة فوق رؤوسنا والأرض الصلبة التي نسكن عليها هما شاهِدا يهوه على أنّ شريعته ثابتة وأبدية. فحتى وإن زالت السماء والأرض فإنّ شريعة يهوه ثابتة. وقد أكّد المسيح أيضاً ذلك بقوله: "لا تــَظُنــُّوا أنــِّي جِئْتُ لأنـْقُضَ النــَّامُوسَ أو الأنبــِيَاءَ. ما جِئتُ لأنقُضَ، بَلْ لأكَمِّلَ. فإنــِّي الحَقَّ أقوُلُ لَكُمْ: إلى أنْ تــَزولَ السَّماءُ والأرْضُ، لا يَزولُ حَرْفٌ واحِدٌ أو نــُقطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النــَّاموسِ، حَتــَّى يَكُونَ الكُلُّ" (متى 5 : 17، 18).
والكنيسة الكاثوليكية لا تشعر بالخجل من أنّها غيَّرت يوم العبادة، بل هي تفخر بهذا العمل وتعتبره "سمة" سلطانها وتفوّقها على غيرها من الكنائس والأديان.
"لقد تمَّ تغيير السبت، أشهر أيّام الناموس، إلى يوم الرب. فهذا اُبطِل ليس بفعل تعاليم معطاة من المسيح، (لأنه هو نفسه يقول: ما جئت لأنقض الناموس، بل لأكمل)، لكن التغيير حصل بفعل سلطة الكنيسة" (رئيس الأساقفة ريجيو، موعظة بتاريخ 18 – 1 – 1562، منسي الثالث والعشرون، صفحة 526).
"الأحد هو سُـنــَّة كاثوليكية، ولا يمكن الدفاع عن قدسيّته إلا من منطق السلطة الكاثوليكية... فلا نجد في الكتاب المقدس مِن أوَّلِه إلى آخره نصاً واحداً يبرّر نقل خدمة العبادة الأسبوعية الجماعية من آخر أيام الأسبوع إلى أوَّل يوم في الأسبوع" (الصحافة الكاثوليكية، سيدني، 25-8-1900).
في الحقيقة، لم يكن يوم السبت بحسب تقويم روما هو آخر يوم في الأسبوع أيام المسيح، وبالتالي لم يكن يوم الأحد هو أول أيام الأسبوع. كما أنّ من المستحيل أن يكون المسيح أو أيّ من تلاميذه قد احتفل بالأعياد الدينية بحسب تقويم روما الوثني. فالتلاميذ استعملوا تقويم الكتاب المقدس القمري الشمسي. وبالتالي، فإنّ يوم السبت بحسب التقويم الميلادي الحالي ليس هو بالضرورة يوم السبت الذي حفظه المسيح والذي توصينا الوصيّة الرابعة بحفظه. فالمسألة ليست مسألة أي يوم نحفظ، بل أي تقويم نستعمل لحساب ذلك اليوم: تقويم روما أم تقويم الكتاب المقدس؟
"لا ينص الكتاب المقدس في أي موضع بوجوب تحويل العبادة من السبت إلى الأحد. والحقيقة هي أنّ الكنيسة كانت موجودة لعدة قرون قبل أن أعطي الكتاب المقدس للعالم. والكنيسة هي التي صنعت الكتاب المقدس وليس العكس" ("أشياء يُسأل عنها الكاثوليك"، بقلم مارتن جي سكوت، طبعة 1927، صفحة 136).
"إننا نحتفل بالأحد عوضاً عن السبت، لأنّ الكنيسة الكاثوليكية نقلت القدسية من السبت إلى الأحد في مجمع لاوديكية سنة 364م" (تعاليم المهتدين إلى الكنيسة الكاثوليكية، ب. جيرمان، عمل البابا بيوس العاشر 25-1-1910).
يُعَد الأحد، وفقاً للكنيسة الكاثوليكية، سمة سلطانها الواضح والمتميز.
"يوم الأحد هو سمة سلطاننا. الكنيسة فوق الكتاب المقدس، وتغيير حفظ السبت بالأحد هو الدليل على تلك الحقيقة." (السجل الكاثوليكي، لندن، أونتاريو، الأول من أيلول (سبتمبر) 1923).
"إنّ حفظ البروتستانت ليوم الأحد هو ولاء يقدّمونه، رغماً عنهم لسلطة الكنيسة (الكاثوليكية)." (حديث واضح عن بروتستانتية اليوم، بقلم مونسينيور سيجور، صفحة 213).
"لكنّ العقل البروتستانتي لا يُدرك، على ما يبدو، أنّه بحفظه يوم الأحد... فهو يقبل سلطة الناطق باسم الكنيسة، البابا." (زائر الأحد، كاثوليك ويكلى، 5 شباط (فبراير) 1950).
"تدَّعي الكنيسة الكاثوليكية، طبعاً، أنّ التغيير كان من فعلها... سمة قوتها وسلطتها الكنسية في الأمور الدينية." (مكتب الكاردينال جيبونز، خلال المستشار س. ف. توماس، 11 تشرين الثاني (نوفمبر)، 1895).
من خلال الأدلّة الدامغة، يمكننا أن نستنتج بشكل حاسم أنّ الوحش الذي وصف في رؤيا 13و14 هو كنيسة الروم الكاثوليك، وأنّ سمتها (سمة الوحش) هي الاعتراف بتقويم الكنيسة الكاثوليكية المزيّف [التقويم الميلادي الغريغوري] الذي أحلّته محل تقويم الكتاب المقدس، ومن ثمّ تصبح سمة الوحش هي حفظ يوم الأحد بحسب تقويم روما المزيّف أو حفظ أي يوم آخر بشلك ثابت، باعتباره سبت الوصية الرابعة، اعتمادا على تقويم روما الميلادي الحالي.
لماذا تعتبر هذه السمة مهمة هكذا؟ هل سبق لك أن وقــَّعتَ على وثيقة للتصديق على صحتها، أو قدَّمت "ختم موافقتك" على أمر ما؟ هذا إجراء إلزامي في أي مصلحة حكومية. فالتوقيع على وثيقة ما هو ما يضفي عليها صفة الشرعية. فالتصريحات الحكومية لا بُدَّ أن تحمل سمة أو ختماً رسمياً. فما هي خصائص ومميزات هذه الأختام الحكومية. لابُدَّ لأي ختم أو توقيع رسمي أن يشتمل على ثلاث خصائص متميزة:
أ) اسم المسؤول أو الموظف.
ب) لقب المسؤول.
ج) نطاق أو دائرة اختصاصه وسلطته.
فعلى سبيل المثال، عندما يريد رئيس الولايات المتحدث الأميركية أن يصدر مشروع قانون، فهذا القانون لا يصير معتمداً بشكل رسمي إلا إذا كان مختوماً بتوقيعه الكامل:
1- الاسم: "باراك أوباما"
2- اللقب: "رئيس"
3- نطاق سلطته: "الولايات المتحدة الأميركية".
ولا يمكن لأية وثيقة أن تكون شرعية وقانونية، إلا إذا كانت موقــَّعة على هذا النحو.
بالنظر إلى الخالق القدير، نـُدرك أنّه بالفعل رئيس مملكة سماوية. والوثيقة التي تحتوي على قانون مملكته هي الوصايا العشر. وبالتطلـُّع مباشرة داخلها نجد ختم يهوه الحي، الذي جاء في وسط هذه الوصايا!
"لأنْ فِي سِتــَّةِ أيَّامٍ صَنــَعَ يهوه السَّمَاءَ والأرْضَ والبَحْرَ وكُلَّ ما فِيهَا، واستــَرَاحَ فِي اليَوْمِ السَّابــِعِ. لِذلِكَ بَارَكَ يهوه يَومَ السَّبتِ وقدَّسَهُ..." (خروج 20 : 11).
لاحِظ السِّمات المميزة الثلاث:
1- الاسم : يهوه، "أنــَا يهوه، هَذا اسْمِي". (إشعياء 42 : 8).
2- لقبه : الخالق، "صَنــَعَ يهوه".
3- دائرة سلطته : السماء والأرض والبحر، "السَّمَاءَ والأرْضَ والبَحْرَ".
من الواضح أنّ ختم الخالق موجود في "وصية السبت" من شريعته، وهذا اعتراف بسلطته كخالقنا. وبحفظنا السبت[ يوم الراحة أو اليوم السابع] الذي لا يمكن معرفته إلا باستعمال تقويم يهوه: التقويم القمري الشمسي، نـُعبِّر عن اعترافنا به خالقاً لنا.
في السبت، تتيسّر لنا فرصة عبادة يهوه بوصفه خالقنا. فإذ نحفظ اليوم الذي اختاره يهوه مقدّساً، نــُعلِنُ للعالم أجمع أنّ خالق الكون هو إلهنا! إنّ الشيطان يُهاجـِم السبت لأنّه يريد أن يُعبَد "مِثـْلَ العَلِيِّ" (إشعياء 14 : 14). والخالق يطلب عبادتك بحسب تقويمه المقدّس، أمّا الشيطان، الذي يسعى لأن يكون مثل الخالق، فيريد عبادتك بحسب أي تقويم بخلاف تقويم الخالق، فأيّ التقويمين تختار؟
"وَقــَدِّسُوا سُبُوتِي فــَتـَكُونَ عَلامَةً بَينِي وَبَينــَكُم لِتــــَعلَمُوا أنــِّي أنا يهوه إلهُكُم" (حزقيال 20 : 20).
"إنّ الخالق يريد عبادتك في يومِ سبته السابع وبحسب تقويمه هو، والشيطان – نظرا لأنه يريد أن يكون مثل الخالق – يريد عبادتك في أي يوم يُحسب اعتمادا على أي تقويم بخلاف تقويم الكتاب المقدّس. فأيّهما تختار؟"
تعريف صورة الوحش
12) ما هي، إذاً صورة الوحش التي يحذرنا يهوه من عبادتها؟
لكي يمكننا التــَّعرُّف على صورة الوحش، يعوزنا أولاً تعيين هوية الوحش ذي القرنين الذي يساعد في تشكيل صورة الوحش:
"ثــُمَّ رَأيْتُ وَحْشـَاً آخـَرَ طَالِعَاً مِنَ الأرْضِ، وَكَانَ لَهُ قــَرْنــَانِ شِبْهُ خـَروفٍ، وَكَانَ يَتــَكَلَّمُ كَتِنــّينٍ، وَيَعْمَلُ بــِكُلِّ سُلطانِ الوَحْشِ الأوَّلِ أمَامَهُ، وَيَجْعَلُ الأرْضَ والسَّاكِنينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ للوَحْشِ الأوَّلِ الذي شــُفِيَ جُرْحُهُ المُمِيتُ... قائِلاً للسَّاكِنينَ عَلى الأرْضِ أنْ يَصنــَعُوا صُورَةً للوَحْشِ الذي كَانَ بــِهِ جُرْحُ السَّيفِ وَعَاشَ. واُعطِيَ أنْ يُعْطِيَ رُوحاً لِصُورَةِ الوَحْشِ، حَتــَّى تتكَلــَّمَ صُورَةُ الوَحْشِ، وَيَجْعَلَ جَميعَ الذين لا يَسْجُدونَ لِصُورَةِ الوَحْشِ يُقْتــَلُونَ. وَيَجْعَلَ الجَمِيعَ: الصِّغَارَ والكِبَارَ والأغنِيَاءَ والفُقَراءَ والأحْرَارَ والعَبيدَ تــُصْنــَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلى يَدِهِمِ اليُمْنــَى أو عَلى جَبْهَتِهم وأنْ لا يَقْدِرَ أحَدٌ أنْ يَشْتــَريَ أو يَبيعَ، إلا مَنْ لَهُ السِّمَةُ أو اسْمُ الوَحْشِ أو عَدَدُ اسمِهِ." (رؤيا 13 : 11-12 و 14-17).
ولهذا الوحش ذي القرنين العلامات المميزة التالية:
أ) لقد ظهر هذا الوحش إلى الوجود قرابة الزمن الذي نالت فيه البابوية جرحها المميت سنة 1798، "وَحْشَاً آخــَرَ طالِعَاً" (رؤيا 13 : 11).
ب) لقد طلع هذا الوحش من الأرض، بعكس الوحش الأول الذي طلع من البحر. فإذا كان "البحر" يمثل شعوباً وأمماً كثيرة، فإن "الأرض" تمثل منطقة مستوطنة بشكل متناثر. وهكذا، فإنّ هذه الأمة تتبوّأ مكان الصدارة في منطقة قليلة السكان.
ج) لهذا الوحش قرنان مثل قرني الخروف. والقرن بحسب الكتاب
المقدس يرمز للقوة "يهوه صَخْرَتِي وَحِصْنِي...
تــُرسِي وَقــَرنُ خــَلاصِي وَمَلجَأي" (مزمور 18 : 2؛ انظر أيضاً 1صموئيل 2 : 1؛ 2صموئيل 22 : 3). ومن ثم
يكون لهذه الأمة سلطتان منفصلتان تتميزان عن بعضهما. كما أنّ الخروف رمز للمسيح؛
إذاً من هنا يمكننا الاستنتاج بأنّ هذه الأمة قد تأسّست على مبادئ مسيحيّة طاهرة
وسامية.
د) غير أنّ هذا الوحش يتكلّم كتنّين. والمعلوم أنّ آلامه "تتكلم" من خلال السلطات التشريعية والقضائية. إنّ القرنين "شبه الخروف"، و"تكلمه كتنين"، يشيران إلى التناقض الحاد بين المبادئ السامية والادّعاءات المسالمة التي تأسس عليها من جهة، وبين ممارساته الفعلية من جهة أخرى.
عزيزي القارئ، نعود فنسأل: أي أمة تتمم هذه العلامات المميزة؟ لا يوجد غير إجابة واحدة: الولايات المتحدة الأميركية.
أ) ظهرت الولايات المتحدة الأميركية قرابة عام 1798. أمة واحدة لا غير هي التي طلعت إلى حيز الوجود في ذات الوقت الذي فقدت فيه البابوية السلطة في 1798. وتشير هذه النبوءة إشارة مباشرة إلى الولايات المتحدة الأميركية وقد تم تنظيم الولايات المتحدة الأميركية بموجب الدستور كجمهورية فيدرالية عام 1787.
ب) طلعت في أرض قليلة السكان: لم تنشأ الولايات المتحدة الأميركية في العالم القديم المكتظ بحشوده الغفيرة، بل في العالم الجديد بسكّانه القلائل نسبياً.
ج) لها سلطتان منفصلتان مؤسستان على مبادئ مسيحية: للولايات المتحدة الأميركية نموذج حكومي فريد. تتمتع بمقتضاه الكنيسة والدولة بالحريات التي يكفلها الدستور. ونتيجة لهذا النوع من الحكومة، كانت الولايات المتحدة الأميركية حقاً جمهورية (مملكة بدون ملك) وكنيسة بروتستانتية (بدون بابا) مع انفصال السلطتين انفصالاً تاماً، كما أنّ سماتها الشبيهة بالخروف جعلتها مأوى للمضطهدين والمظلومين من دول كثيرة.
"إنّ الخالق يطلب عبادتك في سبت اليوم السابع بحسب تقويمه القمري الشمسي المذكور في الكتاب المقدس، أمّا الشيطان، إذ يطلب أن يكون مثل الخالق، يريدك أن تحسب أيّام عبادتك [يوم الراحة الأسبوعي، والأعياد] وفق تقويم روما الميلادي الغريغوري. فماذا ستختار؟" |
د) تتكلم كتنين: يضمن القانون الأساسي للولايات المتحدة الأميركية المدوَّن في الدستور، حرية ضمير الفرد، فلا شيء أعزّ أو ألزم من هذا. غير أنّ الولايات المتحدة الأميركية قد بدأت بالفعل تتنكّر لكافة المبادئ المنصوص عليها في دستورها. وسيزداد هذا التنكّر إلى أن يصير كاملاً، عن قريب. والأمر الذي سيضفي على هذه الحركة مزيداً من الأهمية هو أنّ غرضها الرئيسي سيكون فرض حفظ يوم الأحد.
ومثل هذا العمل سيكون مناقضاً لمبادئ هذه الدولة على خط مستقيم، ولروح مؤسّساتها الحرّة، ولوثيقة الاستقلال، والدستور. فالدستور ينص على "ألا يُشرِّع الكونجرس أي قانون لفرض ديانة معينة، أو منعها على الشعب"، "وألا يكون هناك أي اختبار ديني لازما على الإطلاق كمؤهل لأي منصب أو أمانة عامة تحت مظلة الولايات المتحدة".
إنّ تعارض مثل هذا العمل يتماشى مع الرمز الممثل لها. فهذا الوحش ذو القرنين شبه الخروف – الذي يُعرف بالطهارة والوداعة – هو الذي يتكلم كتنين. ومجرد ملاحظة ما يحدث الآن في الأخبار وما تم في الماضي القريب، يؤكدان هذا الوصف الكتابي.
"وإنّي أدعم بشدّة المبادرة المؤسسة على الإيمان التي نقترحها، لأنني أرى أنها لا تنتهك الخط بين فصل الكنيسة عن الدولة، ولذا أعتقد أنها ستجعل من أميركا مكاناً أفضل." (جورج بوش – مقتبسة عن كونراد جورنجر، أخبار 889، 28 شباط (فبراير) 2001) من الملحدين الأميركان. يهاجم هذا التصريح وثيقة الحقوق الدستورية التي تمنع حكومتنا من "تأسيس أية ديانة".
"إنّ أولويّاتنا هي إيماننا" (جورج و. بوش، نورث كارولاينا، 10 تشرين الأول (أكتوبر)، 2000 مقتبسة من جاكوب وينبرج "البوشية الكاملة").
"إنّ الرسالة الواضحة التي تبلغها الإدارة الجديدة هي أنّ أميركا جورج دبليو بوش هي أمة مسيحية وأنّه يرحّب بغير المسيحيين طالما يوافقون على قبول وضعهم كأقليّة تحتمل وليس أن يكونوا مواطنين متساوين بالكامل" (آلان م. درشووتز في "بدأ بوش بتحدي الدستور"، لوس أنجلوس تايمز، 24 كانون الثاني (يناير)، 2001).
النبوءة سرعان ما تتم
13. من الواضح أنّ الوحش ذي القرنين هو الولايات المتحدة الأميركية. ولكن ما الصلة بين الولايات المتحدة الأميركية وصورة الوحش؟
رغم أنّ الولايات المتحدة الأميركية تأسست على مبادئ تخالف البابوية، بيد أننا نلاحظ اليوم كيف تتعاون الولايات المتحدة الأميركية والفاتيكان بصورةٍ متقاربة لتوسيع نفوذهما. ويخبرنا الكتاب المقدس أنّ اليوم سيأتي عندما تسنّ فيه الولايات المتحدة قانوناً جديّاً يلزم مواطنيها، ثم العالم أجمع بعبادة الوحش الأول، البابوية. "وَيَعْمَلُ (أي الولايات المتحدة الأميركية) بــِكُلِّ سُلطانِ الوَحْشِ الأوَّلِ (البابوية) أمَامَهُ، وَيَجْعَلُ الأرْضَ (أولاً الولايات المتحدة الأميركية، وبعدها العالم) والسَّاكِنينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ للوَحْشِ الأوَّلِ (يُقدِّسون يوم الأحد البابوي، أو يعترفون بتقويم البابوية) ، الذي شــُفِيَ (1929) جُرْحُهُ المُمِيتُ (1798)... قائِلاً للسَّاكِنينَ عَلى الأرْضِ أنْ يَصْنــَعُوا صُوْرَةً للوَحْشِ (نسجاً على منوال البابوية التي استخدمت السلطة المدنية لفرض عقيدة دينية)، الذي كَانَ بــِهِ جُرْحُ السَّيفِ وَعَاشَ" (رؤيا 13: 12، 14).
عن قريب ستتخلى الولايات المتحدة الأميركية عن حريّتها الدينيّة
لتفرض حفظ يوم الأحد (سمة الوحش)، أو لتفرض تقويماً بابويّاً يخالف تقويم يهوه
(وهذا أيضا هو سمة الوحش). وهذا يعني أنّ الكنائس البروتستانتية ستسيطر على
الحكومة بغرض تحقيق مخططها. وعندما يحدث ذلك ستكون الولايات المتحدة الأميركية
قد صنعت صورة لكنيسة الروم الكاثوليك ووحَّدت الكنيسة مع الدولة. حينئذ ستتكلم
الولايات المتحدة "كتـِنـّين" وتعمل "بــِكُلِّ سُلطانِ
الوَحْشِ الأوَّل" (رؤيا 13 : 11و12)، وسيكون لها نفس روح التعصُّب والاضطهاد التي أظهرها
الوحش الأول، البابوية.
لذا، وبناءً على ذلك، فمع ضياع الحرية الدينية، لن يوجد ما يحول دون اضطهاد الأقليّات الدينية المنشقّة، وسيكون هناك تكرار للتعصب الديني الذي ساد في العصور الوسطى: "واُعطِيَ (الولايات المتحدة) أنْ يُعْطِيَ رُوحَاً لِصُورَةِ الوَحْشِ (فرض قوانين يوم الأحد)... وَيَجْعَلَ جَميعَ الذينَ لا يَسْجُدونَ لِصُورَةِ الوَحْشِ (أي الذين يكرمون يوم السبت الحقيقي بحسب تقويم يهوه، ولا يعترفون بتقويم روما الذي يفرض حفظ يوم الأحد) يُقْتــَلونَ. وَيَجْعَلَ الجَميعَ: الصِّغــَارَ والكِبَارَ والأغنِيَاءَ والفُقَراءَ والأحْرَارَ والعَبيدَ، تــُصْنــَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلى يَدِهِمِ اليُمْنــَى أو عَلى جَبْهَتِهِم. وأنْ لا يَقْدِرَ أحَدٌ أنْ يَشْتَرِيَ أو يَبيعَ، إلا مَنْ لَهُ السِّمَةُ (سوف يحرّمالشراء والبيع على الذين يكرمون السبت الحقيقي)، أو اسْمُ الوَحْشِ..." (رؤيا 13 : 15-17).
سيقبل البعض السمة "عَلى جَبْهَتِهِم" لأنّهم اختاروا أن "يُصَدِّقــُوا الكَذِبَ" (2تسالونيكي 2 : 11). آخرون رغم اقتناعهم بأنّ الأحد ليس هو السبت الحقيقي وبأنّ التقويم الميلادي الحالي يناقض تقويم يهوه الحقيقي الذي يكشف عن سبت الوصية الرابعة، سيخضعون، حفاظاً على رزقهم، فيقبلون بذلك السمة "عَلى يَدِهِمِ اليُمْنــَى"، التي ترمز إلى العمل.
14. لكي يصدق هذا، يجب أن يوجد دليل على سعي البابوية حالياً لتنظيم وترقية يوم الأحد في الولايات المتحدة الأميركية، وأنّ بروتستانت الولايات المتحدة الأميركية (أعداء روما التاريخيين)، قد غيّروا موقفهم، وأنّهم يعبّرون عن استعدادهم للتعاون على تشريع قانون حفظ الأحد. فهل يوجد مثل هذا الدليل؟
نلاحظ اليوم أنّ غالبية البروتستانت يتعاطفون مع البابوية، مما جرَّأ البابوية على السعي الدؤوب لفرض تشريع حفظ يوم الأحد:
"يجدر بالأميركيين كافة أن يناشدوا الرئيس والكونجرس لسن قانون فيدرالي - بل وتعديل دستوري إذا لزم الأمر – لإعادة فرض يوم السبت (الزائف)، يوماً قومياً للراحة"(الدائرة المزدوجة الكاثوليكية، 25 آب (أغسطس)، 1985، مقالة يوم الأحد).
"لقد تحدث في هذا الصدد سلفي البابا ليو الثالث عشر... عن راحة يوم الأحد على أنها حق العامل الذي يتوجب على الدولة أن تكفله" (البابا يوحنا بولس الثاني، دايز دوميني، 31 أيار (مايو)، 1998).
"لذلك ، فمن الطبيعي أن يجاهد المسيحيون لضمان احترام ذلك التشريع المدني لواجبهم في حفظ يوم الأحد مقدسا. ومهما كان الأمر، فهم ملزمون ضميرياً بترتيب راحة يوم الأحد بطريقة تسمح لهم بالاشتراك في القربان المقدس، والامتناع عن العمل والأنشطة التي لا تتوافق مع تقديس يوم الرب..." (البابا يوحنا بولس الثاني، دايز ودميني، 31 أيار (مايو)، 1998).
"ينبغي على المسيحيين (في كل مكان) السعي للحصول على الاعتراف بأيام الأحد وأيام الكنيسة المقدسة كعطلة رسمية" (تعاليم الكنيسة الكاثوليكية، طبعة عامة ونهائية، 2000، فقرة 2188).
إنّ أكثريّة القادة البروتستانت في الولايات المتحدة الأميركية مستعدون لدفن الأحقاد الماضية التي كانت لهم مع الكاثوليك:
"لقد رحّب زعماء كنائس البروتستانت الأميركيين والأرثوذكس الشرقيين الذين التقوا بالبابا يوحنا بولس الثاني يوم الجمعة، بمناقشتهم الأولى ذات التمثيل الواسع، بوصفها العلامة نحو وحدة أكبر... وقد أطلق عليها القس دونالد جونز، وهو ميثوديستي ورئيس مجلس إدارة قسم الدراسات اللاهوتية بجامعة كارولاينا الجنوبية "أهم اجتماع مسكوني في هذا القرن"... أسماه القس بول أ. كرو، من أنديانابولس، وهو المسؤول المسكوني للكنيسة المسيحية (تلاميذ المسيح)، "يوم جديد في العالم المسيحي" مؤذناً بفتح مستقبل يقوم فيه الله بجمعنا سوياً" (مونتجومري أدفيرتايزر، 12 أيلول (سبتمبر)، 1987).
|
|
|
|
|
|
كيفية تجنــُّب سِمَة الوحش
15. كيف يتسنّى لي، إذاً، تجنــُّب قبول سمة الوحش؟
هذا هو أهم سؤال. لقد حذرنا يهوه، لشدة حبه المطلق لنا، أن لا نعبد الوحش ولا نقبل سمته. فمن يقبل سمة الوحش "سَيَشْرَبُ مِنْ خـَمْرِ غـَضَبِ يهوه، المَصْبُوبِ صِرْفــَاً (بدون رحمة) فِي كَأسِ غــَضَبــِهِ، وَيُعَذَّبُ بــِنــَارٍ وَكِبْريتٍ أمَامَ المَلائِكَةِ القِدِّيسينَ وأمَامَ الخــَروف. وَيَصْعَدُ دُخـَانُ عَذابــِهِمْ إلى أبَدِ الآبــِدينَ. ولا تــَكُونُ رَاحَةٌ نــَهَارَاً وَلَيْلاً للذِينَ يَسْجُدُونَ لِلوَحْشِ (يكرمون البابوية من خلال حفظ يوم الأحد أو الاعتراف بتقويمها المخالف لتقويم الكتاب المقدّس) وَلِصُورَتِهِ (الولايات المتحدة إذ تفرض حفظ يوم الأحد)، وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ" (رؤيا 14 : 10، 11).
هذه كلمات خطيرة من يهوه. وغضبه يتناسب مع جسامة الذنب. فإنك بإكرامك يوم الأحد الذي حرَّضَ عليه إبليس بواسطة البابوية، أو بقبولك أي تقويم يناقض تقويم يهوه، تعدّ نفسك لقبول سمة الوحش. ويريد إبليس خداع أكبر عدد ممكن من الناس لإكرام هذا التقويم المزيف ويوم العبادة المزيّف.
ولكي يَحْبك خدعته، اختار يوم الأحد، اليوم الذي يعتقد العالم المسيحي خطأ ً أنّه يوم قيامة المسيح لعلمه بأن غالبية الناس سوف يؤمنون أنّ حفظ يوم الأحد أكثر مناسبة من السبت، حيث أنه يُكرِم قيامة المسيح. كما أنّ البعض يظنّون خطأ أنّهم يكرمون سبت الوصية الرابعة وذلك بحفظهم يوم السبت الحالي بحسب التقويم الميلادي الغريغوري، ومنهم اليهود وطائفة المجئيّين السبتيين، ولكن السبيل الوحيد لعدم قبول سمة الوحش هو رفض تقديم الإكرام ليوم لم يختره يهوه، ورفض تقديم الإكرام لتقويم لم يختره يهوه. فاليوم الوحيد الذي عيّنه يهوه يوماً مقدساً هو سبت اليوم السابع الذي لا يمكن حفظه إلا اعتمادا على تقويم يهوه، وبإكرامه تقبل "خـَتـْمُ يهوه الحَيِّ" (رؤيا 7 : 2).
فإن أردت إكرام موت المسيح وقيامته، فعليك بالمعمودية (التغطيس الكامل)، وفقاً لما يُصرِّح به الكتاب المقدس بوضوح (أنظر رومية 6 : 3-5) فعندما يغمرك الماء (أي يدفنك) تعترف جهاراً بموته، وبخروجك من الماء تعترف جهاراً بقيامته.
16. ماذا عن بلايين المسيحيين في الأجيال الماضية الذين حفظوا يوم الأحد عوض سبت الوصية الرابعة ولم يعرفوا بتقويم يهوه – هل نال هؤلاء سمة الوحش دون علم منهم؟ وماذا عن المسيحيين اليوم الذين يعتقدون مخلصين أنّ الأحد هو يوم الراحة الذي نص عليه الكتاب المقدس؟
حفظ مسيحيو الأجيال الماضية، في معظمهم، يوم الأحد، معتقدين أنّهم بذلك يحفظون سبت الكتاب. واليوم يوجد مسيحيون حقيقيون في كل كنيسة، بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية، يؤمنون بأنّ الأحد هو يوم العبادة الذي يوصي به الكتاب المقدّس. لن يحاسَب أحد منهم على أخطائه لأنّ النور لم يصل إليهم بعد. فإنّ يهوه"يتغاضى عن أزمنة الجهل" (أنظر أعمال الرسل 17 : 30). فنحن لا نـُدان إلا بحسب النور الذي تيسرت لنا الفرصة للحصول عليه. ولكن عندما يُفرض قانون يُلزمُنا بحفظ يوم الأحد عالمياً، تكون القضية قد اتــَّضَحَت أمام الجميع، عندئذ كل من يتعدى وصية يهوه ليطيع أمراً فرضته الكنيسة الكاثوليكية بسلطانها البشري، فإنّه بذلك يقبل سمة الوحش.
وعن قريب سيواجه كل إنسان هذا الاختبار الذي يتوقف عليه مصيره الأبدي، إمّا أن يطيع يهوه، أو البابوية. فماذا سيكون قرارك؟
لا مجال للحياد
17. ما شأني أنا؟ ولماذا لا أترك حل المشكلة لرجال الدين؟
إن تحذير يهوه الخطير في سفر الرؤيا 14 لا يترك مجالاً للامبالاة. وقد قال يهوشوه له المجد، "مَنْ لَيْسَ مَعِي فــَهْوَ عَلَيَّ" (لوقا 11 : 23). كل من لن يوجد واقفاً مع الحق سَيُدان من يهوه. هذا الإنذار لا يُحابي شخصاً أو طبقة أو حالة أو ديانة، فهو مُوَجَّه إلى كل البشر.
وليس بالضرورة، أن نتعمَّد اختيار ملكوت الظلمة لنخضع لسيادته. فكل ما علينا لذلك هو إهمال التحالف مع مملكة النور. ينبغي عدم النظر إلى أي شأن يتعلق بخير نفوسنا الأبدي بغير اكتراث. فيهوه يمقت عدم المبالاة في الأمور الدينية.
ماذا ينبغي أن أفعل؟
حيث أنّ الحياد مرفوض مِنْ قِبَل يهوه، ومع علمي بأنّه من أجل تجنّب قبول سمة الوحش يتعيّن عليَّ تقديس يوم السبت بحسب التقويم الإلهي لا تقويم روما الوثنيّ الأصل، حتى عندما يفرض حفظ يوم الأحد بواسطة القانون تحت طائلة الموت، فماذا بعد؟
"يُعد الانفصال بمثابة الخطوة العملية الأولى التي يمكنك القيام بها لتكون ابنا ليهوه"
18. ما هي الخطوة العملية الأولى بعد قبولي كل ما سبق؟
يتوق يهوه بشدة إلى الدخول في علاقة جادة معك. وفي الحقيقية، هو يريدك أن تكون ابنه. فكّر في مدى عظم امتياز صيرورتك ابناً لملك الملوك وسيّد الأسياد. هذه الفرصة الحقيقية مُقدَّمة لك، وهو ينتظر بلهفة أن يمنحك هذا الشرف الذي ما بعده شرف. بيد أنّ كلمته تقول لك: "لا تــَكُونــُوا تــَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ المُؤمِنينَ. لأنــَّهُ أيَّةُ خِلْطَةٍ للبــِرِّ والإثمِ؟ وأيَّةُ شــَرِكَةٍ للنــّورِ مَعَ الظُّلمَةِ؟ وأيُّ اتــِّفاقٍ للمَسيّا مَعَ بَليــِعَالَ؟ وأيُّ نــَصيبٍ للمُؤمِنِ مَعَ غَيْرِ المُؤمِنِ؟ وأيَّةُ مُوافــَقــَةٍ لِهَيكَلِ يهوه مَعَ الأوثانِ؟ فإنــَّكُم أنـْتُم هَيْكَلُ يهوه الحَيِّ، كَما قالَ يهوه: إنــِّي سَأسْكُنُ فِيهِم وأسيــِرُ بَينــَهُم، وأكُونُ لَهُم إلهاً، وَهُم يَكونــُونَ لِي شــَعْبَاً. لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِم واعْتــَزِلوا، يَقولُ يهوه. ولا تــَمَسُّوا نــَجـِسَاً فــَأقـْبَلَكُمْ، وأكونَ لَكُم أبِاً، وأنتــُم تــَكُونونَ لِي بَنينَ وَبَناتٍ، يَقولُ يهوه، القــَـادِرُ عَلى كُلِّ شــَيءٍ. فــَإذْ لَنـــَا هَذهِ المَوَاعِيدُ أيُّها الأحِبَّاءُ لِنــُطَهِّرَ ذوَاتِنــَا مِنْ كُلِّ دَنــَسِ الجَسَدِ والرُّوحِ، مُكمِّلينَ القــَدَاسَةَ فِي خــَوْفِ يهوه" (2 كورنثوس 6 : 14 – 18؛ 7 : 1).
يشتمل هذا المقطع الكتابي المهم على المبادئ التالية:
أ) يهوه لا يسمح بأي مزج للحق بالباطل (حتى وإن كانت نسبة الحق 99%). الشيطان وحده هو الذي يمزج الحق بالباطل ليزيد خداعه إلى أقصى حد. وهكذا، فإنّ أي نظام ديني يخلط الخطأ (مثل كون يوم الأحد هو سبت الوصية الرابعة، أو يوم السبت الحالي هو سبت الوصية الرابعة) بالحق، ليس من يهوه "لأنــَّهُ أيَّةُ شــَرِكَةٍ للنــّورِ مَعَ الظــُّلمَةِ؟" (2 كورنثوس 6 :14)، "إنَّ يهوه نــُورٌ وَلَيسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ البَتــَّةَ" (1يوحنا 1 : 5).الحق إما أن يكون حقاً 100% أو لا يكون حقاً على الإطلاق. لا مجال للتعليم البشري أو التقاليد.
ب) من واجب الشخص الذي يريد أن يكون في توافق مع يهوه ألا يكون عضواً في أي كنيسة أو نظام ديني مبني على أساس الشيطان: أي مزج الحق بالباطل. يمثل هذا الانفصال الخطوة العملية الأولى التي يمكنك أن تخطوها لتكون ابناً ليهوه وتفرح به كأب محب لك. ومع انفصالنا، سيكون بمقدورنا أن نصبح أبناء ليهوه. لأنّنا بذلك نكون قد أظهرنا معرفتنا لحقيقة أنّه لا يوجد إلا نظامان دينيان لا ثالث لهما في العالم: نظام يهوه ونظام الشيطان، وهكذا نكون قد اخترنا طواعية قطع أيّ علاقة تربطنا بنظام الديانة الذي أسسه الشيطان.
ج) نظراً لأنّك حين تترك نظم الشيطان الدينية ستخسر الأصدقاء والعائلة والنفوذ والعمل إلخ... فإنّ يهوه يطمئنك بقوله: "أنا يهوه القدير". وهذا يعني أنه سيعوضك بأكثر مما فقدت. وإليك وعد السيّد يهوشوه المسيح له المجد: "لَيْسَ أحَدٌ تــَرَكَ بَيْتاً أو إخوَةً أو أخـَوَاتٍ أو أبَاً أو أمَّاً أو امرَأةً أو أولاداً أو حُقــُولاً، لأجْلي ولأجْلِ الإنجيلِ، إلا وَيَأخــُذُ مِئةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هَذا الزَّمانِ، بُيُوتــَاً وإخوَةً وأخــَوَاتٍ وأمَّهَاتٍ وأولاداً وَحُقــُولاً، مَعَ اضطِهَادَاتٍ، وَفِي الدَّهْرِ الآتي الحَياة الأبَدِيَّةَ" (مرقس 10 : 29 – 30).
د) وبعد خروجنا من نظم الشيطان الدينية يقودنا يهوه بتأثير روحه القدّوس ليطهرنا ويحفظنا من الخطيئة، لتكون قناة الاتصال مفتوحة بينه وبيننا. ويهوه يرغب في أن نطيعه ونخدمه ليس بالإكراه بل طواعية. فالركن الأساسي للديانة هو محبتنا ليهوه بدافع الامتنان، وتقديرنا لما صنعه لتحقيق هذه المصالحة. أمّا الانضمام لخدمته أملاً في الثواب أو خوفاً من العقاب فلن يجدي نفعاً.
المصالحة مع يهوه
19. ما هي المصالحة مع يهوه؟ وما الحاجة إليها؟
عندما خلق يهوه آدم وحواء، كانا كاملين في الخلق والميول، وعاشا حياة الطاعة الكاملة لشريعته. ولكي يجعل طاعتهما له طبيعية، نقش يهوه الوصايا العشر على قلبيهما، كما كشف لهما أنّ مخالفة شريعته جزاؤها الموت "لأنَّ أجْرَةَ الخــَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ" (رومية 6 : 23). الشرائع والقوانين الواضحة لازمة لكافة الحكومات. كما يلزم أيضاً تحديد نوع العقوبات المترتبة على انتهاك هذه الشرائع وتلك القوانين. تصوَّر كيف تكون حالة العالم فيما لو لم تــُطبَّق العقوبات. هل تكون الحياة آمنة في أية دولة تتغاضى عن محاسبة من ينتهكون قوانينها؟
في حين أعلن يهوه شريعته لآدم وحواء، وجعل طاعتهما طبيعية بنقشها على قلبيهما، إلا أنّه لم يجرِّدهما من حرية الاختيار. كان بمقدور يهوه خلق الإنسان بدون القدرة على مخالفة شريعته، ولكنّ الإنسان في هذه الحالة، لن يكون حر الاختيار، بل مُسيَّراً كآلة، ولا تكون طاعته اختيارية بل جبرية.
من المؤسف أنّ آدم وحواء اختارا بمحض إرادتهما، عصيان يهوه. وبذلك أوجدت الخطيئة حاجزاً بين الإنسان ويهوه، وصارا خاضعين لعقوبة الموت لانتهاكهما شريعة يهوه. كان لا بُدَّ لهما من أن يموتا، وفضلاً على ذلك فسدت ميولهما الطاهرة لطاعة يهوه بعد اختيارهما عصيان شريعته. فاكتسب قلبيهما الآن ميلاً معاكساً وقوياً للعصيان.
في مواجهة تعدِّي آدم وحواء، ماذا كان بإمكان إلهنا المحب أن يفعل؟ هل يتركهما للموت جزاء انتهاكهما شريعته؟ وهل يتخلى الأبوان الأرضيان عن أولادهما بعد اختيارهم التمرُّد عليهما؟ أم يتغاضيان عن التعدي لاحتوائهم، وهو الحل الأسوأ؟ وهل تدوم وتزدهر حكومة ما سواء أرضية أو سماوية، دون عقوبات واضحة المعالم؟ طبعاً لا.
وباختصار، فإذا تعين على آدم وحواء تحمُّل قصاص تعدّيهما بنفسيهما، لكان في ذلك نهاية الجنس البشري. أو إذا كان يهوه قد خلق آدم وحواء آخرين من جديد، فما هو الضمان على أنّهما لن يختارا العصيان، مثل سابقيهما، فتتكرر العملية بأسرها من جديد. من الواضح، إذاً أنّه كان يلزم تدبير حل خارجي ( ليس في حيِّز الخطاة). والحقيقة، أنّ إلهنا المحب يهوه كان قد أعدَّ هذه الخطة السماوية حتى قبل ظهور الحاجة إليها بزمن بعيد.
وعن هذا التدبير الإلهي العجيب، يقول الوحي أنه "السِّرِّ المَكْتُومِ مُنذُ الدُّهُورِ وَمُنذُ الأجيالِ، لكنــَّهُ الآنَ قــَدْ اُظْهِرَ لِقِدِّيسِيهِ" (كولوسي 1 : 26). تضمَّنت خطة يهوه الحل الذي من شأنه إعادة الجنس البشري إلى الانسجام معه مرة أخرى، دون تقويض شريعته أو إلحاق الضرر بحكومته، لأنّ يهوه وإن كان يكره الخطيئة فهو يُحِب الخاطئ.
وقد كان هذا الحل يعني أنّ هناك شخصاً آخر بريئاً يجب أن يدفع عقوبة الموت؛ ومن ثم يكون موته نيابة عن المذنبين. وبموت هذا الشخص، فإنّ الخاطئ الذي يؤمن، يتصالح مع يهوه، وكأنه لم يخطئ قط. وبذلك لا تكون محبة يهوه للجنس البشري وعدالته في تعارض مع بعضيهما. وبدون دفع هذا الجزاء عن الخطيئة، ما كان يمكن للمصالحة أن تتم بين يهوه والإنسان. لذلك فإنّ هذه المصالحة ضرورية للانسجام مع يهوه والحياة معه في السماء إلى الأبد.
وبالإضافة إلى ذلك كان يتعيَّن على هذا الشخص الخارجي الذي كان يجب أن يموت نيابة عن المذنبين، أن يُظهر للإنسان كيف يعيش على الأرض دون ارتكاب الخطيئة لكي تدوم المصالحة مع يهوه. وإلا، فما الفائدة من المصالحة إذا كان الانزلاق في الخطيئة سيحدث مرة أخرى، وتــَـمَسْ الحاجة مجدداً إلى مصالحة أخرى؟ من الواضح أنّ خطة يهوه هذه، اشتملت على وسيلة لتمكين الإنسان من العيش منتصراً على الخطيئة! وهكذا، فرغم فقدان آدم للفردوس بتعدّيه شريعة يهوه، صار بالإمكان استعادة ذلك الفردوس بإطاعة شريعة يهوه والإيمان بالدم الكفاري بهذا الشخص الخارجي.
20. أريد المصالحة مع يهوه والانتصار على الخطيئة في حياتي، فما الذي يتوجب عليَّ فعله أولاً؟
ينبغي أن تتذكر نقطتين هامتين: أولهما أنّ القلب المتكبِّر يُجاهد للفوز بالخلاص؛ غير أنّ استحقاقك للسماء وأهليّتك للمصالحة يكمنان في بــِرِّ هذا الشخص الخارجي وليس في أعمالك. وثانيهما أنّ يهوه لا يمكنه أن يفعل شيئاً في سبيل مصالحتك قبل أن تقتنع أنت بضعفك، وتتجرد من كل كفاية ذاتية، ومن ثم تـُخضع ذاتك لسيطرة يهوه.
ولكن سؤالك يدلّ على أنّك قد تبكــَّت على خطيئتك الشخصية، وغير راض ٍ عن نفسك. التوبة هي الخطوة الأولى التي يتوجَّب على كل من يعود إلى يهوه أن يتّخذها: "فــَتُوبُوا وارْجــِعُوا لِتــُمْحَى خـَطَايَاكُمْ" (أعمال الرسل 3 : 19) إنّنا كثيراً ما نحزن لأنّ أعمالنا الشريرة تجلب علينا عواقب وخيمة، ولكن هذه لا تعتبر توبة. فالتوبة الحقيقية هي أكثر من مجرد الحزن على الخطيئة. إنها قرار لا رجعة فيه بالحيدان عن الشر. ولا تصدق التوبة ما لم تـُحدِث إصلاحاً في التائب. ولكن هل يستطيع الإنسان أن يتوب من نفسه؟ لا يمكن للإنسان أن يتوب من نفسه، بقدر ما لا يستطيع أن يغفر أو يكفــِّر عن ذاته. التوبة هي عطية يهوه كما الغفران، ولا يمكن اختبارها ما لم تتغلغل في النفس.
عندما يتوب القلب توبة كاملة بالخضوع لتأثير روح يهوه القدوس، يبدأ الخاطئ في إدراك قدسية شريعة يهوه وتتولد عنده رغبة قوية في أن يعيش حياة طاهرة مقدسة، وأن يكون في سلام دائم مع يهوه. وإذ نجتهد في مسيرتنا اليومية "للاقتراب من يهوه"، يقترب هو منّا، وتنعكس صفاته فينا أكثر فأكثر إذ "نــَمُوتُ كُلَّ يَوم" عن طرقنا السالفة الآثمة. (يعقوب 4 : 8؛ 1كورنثوس 15 : 31).
الانتصار على الخطية بواسطة المسيح
21. أرجو الاستفاضة قليلاً في هوية ذلك الإنسان الخارجي؛ هل من المستطاع حقاً بواسطته تحقيق الانتصار على الخطيئة ونحن أحياء على هذه الأرض؟
شخص واحد فقط نجح في أداء هذه المهمة. وما كان هذا الشخص سوى ابن يهوه. ولماذا كان ابن يهوه هو الشخص الوحيد المؤهل لهذه المهمة؟ لأن الابن هو خالق الكل "الذِي هُوَ صُوْرَةُ يهوه غَيْرِ المَنـْظُورِ... فإنــَّهُ فِيهِ خـُلِقَ الكُلُّ" (كولوسي 1 : 15، 16). والابن يمتلك كل صفات يهوه وقدرته لأنّه "رَسْمُ جَوهَرِهِ" (عبرانيين 1 : 3). المسيح له حياة في ذاته، تزيد في قدرها عن جميع البشر العتيدين أن يولدوا والمحتاجين إلى موته الكفاري. وهكذا، فإنّ ذبيحته تحقق عدالة يهوه لكل الخطاة الذين يقبلون موته البديل، وتظهر في الوقت ذاته، رحمته ومحبته، لأنّه في الابن تحقّقت الرحمة والعدالة "الرَّحْمَةُ والحَقُّ التــَقــَيَا. البــِرُّ والسَّلامُ تــَلاثــَمَا" (مزمور 85 : 10) ولكونه رسم جوهر الآب، كان الابن حقاً هو الشخص الوحيد القادر على إعلان صفات يهوه الرائعة للبشر ومصالحتهم معه. للمزيد من التأمّل في هذا الشخص العجيب، برجاء النقر هنا.
ولكن لكي يحدث هذا، ومن أجل استيفاء عدالة يهوه، كان على الابن أن يأخذ طبيعتنا البشرية الساقطة بنزعتها إلى الشر. "لأنــَّهُ حَقــَّاً لَمْ يُمْسِكُ المَلائِكَةَ بَلْ يُمْسِكُ نــَسْلَ إبراهِيمَ مِنْ ثــَمَّ كانَ يَنبَغي أنْ يُشْبــِهَ إخوَتــَهُ في كُلِّ شيء" (عبرانيين 2 : 16، 17). وبهذا الإجراء وحده كان من الإنصاف أن يكون الابن هو مثالنا الكامل "تــَارِكَاً لَنــَا مِثالاً لِكَي تــَتــَّبــِعُوا خـُطُوَاتِهِ. الذي لَمْ يَفْعَلْ خـَطيَّةً وَلا وُجـِدَ فِي فــَمِهِ مَكْرٌ" (1بطرس 2 : 21، 22).
فمن ناحية لاهوته يتلامس المسيح مع يهوه، ومن الناحية الأخرى – بناسوته - يتلامس مع الإنسان. ومن هنا، لم يكن لغير ابن يهوه وحده أن يمنح عطية المصالحة الثمينة هذه. "فإذ قــَدْ تــَشـَارَكَ الأولادُ فِي اللَّحم والدَّمِ اشتــَرَكَ هُوَ (الابن) أيضاً فِيهِمَا" (عبرانيين 2 : 14). "... يهوه كَانَ فِي المسيح مُصالِحَاً العَالَمَ لِنــَفْسِهِ" (2كورنثوس 5 : 19). "لأنــَّهُ... وَنــَحْنُ أعداءٌ قـــَدْ صُولِحْنــَا مَعَ يهوه بــِمَوتِ ابْنِهِ" (رومية 5 : 10). اتخذ المسيح على نفسه طبيعتنا بكل ضعفاتها، ومع ذلك عاش حياة منزهة عن الخطيئة. وهذه الحياة المنتصرة على الخطيئة هي التي يتلهَّف يهوشوه المسيح ليجعلنا قادرين على عيشها.
إنّ خطّة يهوه المثاليّة لأبنائه أسمى مما يستطيع فكر بشري أن يصل إليه. "فــَكُونــُوا أنتــُمْ كَامِلينَ كَمَا أنَّ أبَاكُم الذي فِي السَّماوَاتِ هُوَ كَامِلٌ"(متى 5 : 48) "بَلْ نــَظيرَ القــُدّوسِ الذِي دَعَاكُم، كُونــُوا أنتــُم أيضاً قِدِّيسينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ" (1بطرس 1 : 15) "لِكَي تــَكونــُوا بــِلا لَومٍ، وَبُسَطاءَ، أولاداً ليهوه بــِلا عَيبٍ فِي وَسَطِ جــِيلٍ مُعَوَّجٍ وَمُلْتــَوٍ، تــُضِيئونَ بَينــَهُم كأنوارٍ فِي العَالَمِ" (فيلبي 2 : 15) "اتـْبـَعُوا السَّلامَ مَعَ الجميع، والقــَداسَةَ التــِّي بــِدُونِها لَن يَرى أحَدٌ يهوه" (عبرانيين 12 : 14). كل ما يأمرنا به يهوه يجعلنا قادرين على إنجازه. فهو لا يطلب منّا شيئاً إلا ويكون قد دبَّر وسيلة تحقيقه.
"فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ" (متى 5: 48).
لا حاجة بأحد أن يتقاعس عن بلوغ كمال الخلق المسيحي. فبذبيحة المسيح توفر لكل مؤمن الحصول على كل ما يحتاجه من معونة إلهية لبلوغ هذه الغاية المنشودة. فيهوه يدعونا للوصول إلى قياس الكمال ويضع نـُصب أعيننا صفات المسيح مثالاً نقتدي به. أظهر المسيح أنه بالتعاون مع القوة الإلهية، يمكن للبشر بلوغ الكمال الأخلاقي في هذه الحياة. إنّ وعد يهوه المؤكد هو أنّنا أيضاً نستطيع إحراز الغلبة.
شــُكرَاً ليهوه الذي "يُعْطِينا الغــَلَبَة بــِسيّدنا يهوشوه المسيح"(1كورنثوس 15 : 57).
22. كيف أمكن للسيد المسيح أن يعيش حياة مُنزَّهة عن الخطيئة في هذا العالم الشرير؟
لم تكن هنالك حياة مزدحمة بالأعمال والمسؤوليات كما كانت حياة يهوشوه، ومع ذلك فما أكثر المرات التي وُجـِدَ فيها وهو يصلي! وكم كانت شركته مع يهوه متصلة ودائمة! ومراراً عديدة، في تاريخ حياته الأرضية نجد مثل هذه الشهادات: "وفِي الصُّبْحِ بَاكِرَاً جدَّاً قــَامَ وَخـَرَجَ وَمَضى إلى مَوضِعِ خــَلاءٍ، وَكَانَ يُصلِّي هُناك"، "وأمَّا هُوَ فــَكَانَ يَعتــَزِلُ في البَرَارِي وَيُصلِّي"، "وفِي تِلكَ الأيَّام خـَرَجَ إلى الجَبَل لِيُصلِّي وَقــَضـَى اللَّيلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاة" (مرقس 1 : 35؛ لوقا 5 : 16؛ 6 : 12).
كان لا غنى للمسيح عن الصلة الحميمة المتصلة مع أبيه. وهكذا ينبغي أن يكون الحال معنا اليوم. وكواحد منا، يشاطرنا حاجاتنا وضعفاتنا، كان معتمداً بالتمام على يهوه، وفي مخدع الصلاة كان يطلب قوة يهوه لكي يتشدد في القيام بواجباته ويصمد أمام التجارب. وفي عالم الإثم هذا احتمل يهوشوه المصارعات والعذاب النفسي. وفي حديثه مع الآب كان يطرح عن كاهله الهموم والأحزان التي كادت تسحقه. وهنا كان يجد العزاء والفرح. فكإنسان جعل يتوسَّل أمام عرش يهوه حتى سرى في جسم بشريته تيّار سماوي ليوصل ويربط بين البشرية والإلوهية. وبواسطة الاتصال المستمر مع يهوه استمَدَّ القوة ليعيش حياة بلا خطيئة. فيجب أن يكون اختباره هذا هو اختبارك أنت.
أمامنا جميعاً إمكانية رائعة في التشبه بالمسيح وإطاعة كافة مبادئ شريعة يهوه. ولكننا نعجز عن ذلك من ذواتنا. فهذه القداسة يمكن نوالها فقط بتدريب نفوسنا على الخضوع الدائم لتأثير الروح القدس الضابط. إنّ قوة المسيح القادرة، ستساعدنا على المثابرة في التغلب على كل عيب. علينا أن نصلي للآب السماوي دوماً، مثلما تحادث المسيح دوماً مع أبيه، ونسأله أن يساعدنا في التغلب على ضعفنا المتأصل. وعملية تطهيرنا، هذه، من ضعفاتنا هي عملية مستمرة. فيتعيَّن علينا يوماً بعد يوم التعاون مع يهوه باذلين الجهد المثابر لتنمية عادات سليمة. وبسرور سيمنحنا المسيح النعمة والقوة اللازمة في كفاحنا ضد الشرور التي تكتنفنا.
الإيمان بالمسيح مقترن بالجهد الشخصي
23. هل تقصد أنّ الإيمان بالمسيح يلغي واجبي الشخصي لشن حرب متواصلة على الخطيئة؟ ألا يمكنني أن أؤمن فقط بالمسيح وبما عمله لأجلي، فيكون ذلك كافياً لخلاصي؟
كل من يقبل المسيح مخلصاً شخصياً له، ينال امتياز التمتع بصفاته. أما أولئك الذين ينتظرون حتى يشهدوا تغييراً سحرياً في أخلاقهم دون جهد صادق من جانبهم لقهر الخطيئة، فسيخيب أملهم. يتوجّب علينا اليقظة والانتباه خشية أن تعود طبيعتنا القديمة لتتغلب علينا. فالعدو سيبتكر المكايد ليوقعنا في أسره من جديد. يأمرنا الوحي: "تــَمِّمُوا خـَلاصَكُم بــِخـَوفٍ ورَعْدَة، لأنَّ يهوه هُوَ العَامِلُ فِيكُم أن تــُريدوا وَأنْ تــَعمَلوا مِنْ أجلِ المَسَرَّةِ." (فيلبي 2 : 12و13).
ولكن المسيح لم يقدِّم لنا ضماناً بأن بلوغ الكمال في الخُلق مسألة سهلة. إنّ الخلق النبيل المكمل لا يورث، ولا نـُؤتاه بمحض الصدفة، بل يُكتسب بالمجهود الشخصي باستحقاقات المسيح ونعمته. فيهوه يعطي الوزنات وقوى العقل، أما نحن فنصوغ الخُلق. فالخلق إنما يصاغ بمعارك شديدة حامية مع الذات، إذ لا بُدَّ مِن إثارة حرب بعد حرب ضد الميول الموروثة ولا بد لنا من أن ننتقد نفوسنا بشدة، وألا نسمح لأي خلــَّة من الخلال غير المقبولة أن تظل بدون إصلاح.
وهذا العمل يكون أحياناً مؤلماً جداً ومثبطاً للعزيمة، لأننا إذ نرى نقائصنا الخلقية، نواصل التركيز عليها، في حين يجب النظر إلى يهوشوه لنتغير إلى صورته. كل من يدخل الأبواب اللؤلؤيَّة لمدينة يهوه سيدخلها غالباً، وأعظم غلبة يحرزها هي الغلبة على الذات.
لا يقل أحد، أنا عاجز عن إصلاح ضعفاتي الخلقية. فإذا وصلت إلى هذا القرار، فستخفق في الحصول على الحياة الأبدية. إنّ الاستحالة كامنة في إرادتك أنت، فإذا لم ترد فلن تنتصر. إنّ الصعوبة الحقيقية ناشئة من فساد القلب النجس والنفور من الخضوع لسلطان يهوه.
إنّ طاعة يهوه تُعدّ أمراً أساسياً عند السير معه. وهناك صفتان رئيسيتان للمؤمن هما طاعة وصايا يهوه وإيمان يهوشوه (رؤيا 14 : 12). فمجرد "الإيمان" بيهوشوه غير كاف. ولو كان الإيمان وحده يكفي، لفاز الشيطان نفسه بالسماء، لأنه مكتوب "الشــَّياطِينُ يُؤمِنــُونَ ويَقــْشــَعِرُّونَ" (يعقوب 2 : 19).
على سبيل المثال، ما الذي جعل آدم وحواء يطردان من جنة عدن؟ لم يصعب عليهما الإيمان بيهوشوه لأنه كان يسير معهما عند هبوب ريح النهار. (تكوين 3 : 8). إنّما عصيانهما لأمر يهوه هو ما كلفهما كثيراً. فهل نخلص بالأعمال، إذاً؟ كلا "لا بــِأعْمَالٍ في بــِرٍّ عَمِلناها بَلْ بــِمُقـْتــَضـَى رَحـمَتِهِ خــَلَّصَنــَا" (تيطس 3 : 5). إنّنا لا نحفظ الناموس لننال الخلاص، إنما حفظ الوصايا هو الثمر الذي قال عنه المسيح أنّه سيظهر في حياة أتباعه.
يُثبت ناموس يهوه أنّنا بحاجة إلى مخلــِّص. فالناموس هو بمثابة "المرآة" التي نرى فيها عيوبنا ونقائصنا بوضوح (راجع يعقوب 1 :23-25). فهو يجعلنا ندرك عجزنا عن بلوغ الكمال بمعزل عن المسيح. فالشريعة لا تقدر أن تخلــِّص، إنّما غاية الشريعة إبراز حاجتنا إلى مُخلــِّص. ولزيادة الإيضاح نفترض أنّك سقطت في بركة من الطين، فإنّ وقوفك أمام مرآة سيُريك القذارة العالقة بك. ولكن هل تقدر المرآة أن تنظفك؟ كلا، لأنّ كل ما يُمكن للمرآة عمله هو إظهار حاجتك إلى النظافة.
24. هل يمكن فعلاً، إذا آمنت بقوة يهوشوه المسيح، وقرنت إيماني بالجهد الشخصي المثابر ضد نقائصي الشخصية، أن يتحقق لي الكمال الخلقي؟
إنّ ملائكة السماء تتعاون مع كل من ينشد هذا الكمال الخلقي. ولكل من ينهمك في هذا المسعى يقول المسيح، أنا معك لأعينك. "بــِدُونِي [المسيح] لا تــَقدِرونَ أنْ تــَفْعَلوا شــَيئاً" (يوحنا 15 : 5). إذ نتذكر هذا، لنكن صادقين في كافة الظروف، كما الإبرة للقطب فلا تقوى علينا تجربة لتفسدنا. ليتنا لا نخيّب أمل ذاك الذي أحبنا كثيراً حتى أنه بذل حياته ليمحو خطايانا.
إذا كنت قد ارتكبت أخطاء، فأنت حتماً ستحرز النصرة متى نظرت إلى أخطائك هذه واعتبرتها إشارات خطر. وبهذا تحوِّل الهزيمة إلى نصرة وتــُخيِّب أمَلَ العدو وتكرم مخلصك ومن ثم، فإذ تتعاون إرادتك مع إرادة يهوه، فإنها تـُصبـِح كلية القدرة.
مُرمِّم الثغرة
25. أنا أقدِّر الآن أهمية معرفة وإدراك من هو الوحش، وسمته وصورته، لأنّ الكمال سيكون مستحيلاً إذا خدعت وخالفت شريعة يهوه. فماذا عساني أن أفعل الآن؟
لقد علمنا الآن أنّ حفظ يوم الأحد بوصفه يوم الراحة الذي توصي به الوصية الرابعة، وأنّ حفظ يوم السبت الحالي اعتمادا على تقويم الكنيسة الكاثوليكية (التقويم الميلادي الغريغوري) هما كليهما أو أحدهما سمة البابوية (الوحش)، وأنه عن قريب سيجعل الشيطان تقديس اليوم السابع بحسب تقويم الكتاب المقدس، أمراً شبه مستحيل، وذلك باستخدام الولايات المتحدة الأميركية لتفرض على العالم بأسره قوانين يوم الأحد أو لتفرض تقويم آخر يخالف تقويم يهوه كما هو معلن في الكتاب المقدس. ينبغي علينا البدء بتقديس يوم السبت الحقيقي بحسب التقويم القمري الشمسي للخالق (أي أن ندرّب أنفسنا على ذلك بينما لا تزال الأوقات غير عصيبة)، وبمشاركة هذا الحق مع الآخرين لتخليص أكبر عدد ممكن.
لقد صدر الأمر: "نــَادِ بــِصَوتٍ عَالٍ. لا تــُمْسِكْ . ارفــَعْ صَوتــَكَ كَبُوقٍ وَأخْبــِرْ شــَعبــِي بــِتــَعدّيهِم... وبــِخــَطَاياهُم" ليس المقصود توبيخ العالم الوثني على تعدّياتهم، بل بالأحرى من يسميهم يهوه"شــَعْبــِي". ويواصل القول: "وإيَّايَ يَطْلُبُونَ يَومَاً فــَيَومَاً، وَيُسَرّونَ بــِمَعرِفــَةِ طُرُقِي كَاُمَّةٍ عَمِلَتْ بــِرَّاً، وَلَم تــَتْرُكْ قــَضَاءَ إلهـِـهِا" (إشعياء 58 : 1، 2).
هنا فئة ممّن يظنّون أنفسهم أبراراً، ويُظهرون اهتماماً شديداً بخدمة يهوه. ولكنّ انتهار يهوه وتوبيخه الصارم يشملهم لدوسهم الوصايا الإلهية تحت الأقدام.
ثم يُشير النبي إشعياء إلى الوصية التي تم إهمالها: "... فــَيُسمُّونــَكَ: مُرَمِّمَ الثــَّغْرَةِ... إنْ رَدَدْتَ عَنِ السَّبْتِ رِجْلَكَ، عَنْ عَمَلِ مَسَرَّتِكَ يَوْمَ قُدْسِي، وَدَعَوْتَ السَّبْتَ لَذَّةً، وَمُقدَّسَ يهوه مُكرَّماً، وأكْرَمْتــَهُ عَنْ عَمَلِ طُرُقِكَ وَعَنْ إيجادِ مَسَرَّتِكَ والتــَّكلُّمِ بــِكَلامِكَ، فإنــَّكَ حِينــَئِذٍ تــَتـَلذّذ بيهوه" (إشعياء 58 : 12-14).
وينطبق هذا عليك أيضاً. لقد حدثت الثغرة في شريعة يهوه عند إبطالتقويم يهوه واستبداله بتقويم روما اليولياني ثم الغريغوري (الميلادي) كخطوة أوليّة لتغيير السبت على يد كنيسة الروم الكاثوليك. وقد حان الوقت لاستعادة تلك الوصيّة الإلهية إلى مكانها، وذلك باتّباع تقويم يهوه المنسي. فلا بُدَّ مِن ترميم الثغرة. لقد اخترنا نحن أن نكون ضمن مَن يرمّمون الثغرة. فهل ترمّمها معنا؟
هل تريد البدء في حفظ سبت يهوه مقدّساً، بالامتناع عن عملك الشخصي وعدم السعي خلف ملذّاتك أو التكلّم بكلامك الشخصي، أثناء ساعاته المباركة؟
قريبا، سيجعل الشيطان طاعة يهوه جريمة من خلال فرض القوانين العامّة الخاصّة بتقديس يوم الأحد، وفرض تقاويم تناقض تقويم يهوه الخالق.
أين أتعبَّد؟
26. نعم، يشرّفني أن أدعى مُرمِّم الثغرة التي حدثت في شريعة يهوه. غير أنّي لا أعرف أيّة كنيسة تكرم حقاً يوم السبت بحسب التقويم القمري الشمسي للكتاب المقدس، وتتبع الكتاب المقدس وحده وتفضح البابوية. فأينَ أتــَعبَّد؟
كن على يقين أنّك لست وحدك الذي تواجه هذا المأزق. فالمشاركون في هذا المشروع قد واجهوا نفس هذا الموقف عينه. لقد اضطررنا إلى ترك كنائسنا بمجرد اكتشافنا قلّة محبّتها للحق. وحتى الكنائس التي تدَّعي إكرام السبت [مثل كنيسة المجيئيين] فهي تحفظ اليوم الخطأ مع أنّ لاهوتيّي الكنيسة اكتشفوا خطأهم هذا في ثلاثينيّات القرن المنصرم، أمّا سبت الوصية الرابعة فينبغي حفظه بحسب تقويم يهوه، لا بحسب التقويم الميلادي الذي تتبعه كنيسة الأدفنتست السبتيين. إنّ هذه الكنائس تضلّ أعضاءها بعدم تعليمهم وجوب حفظ السبت بحسب تقويم يهوه, وذلك لأنّه من الواضح أنّ اتّباعهم لهذا التقويم سيضع جامعاتهم ومؤسسّاتهم في تعارض مع نظام العالم، الأمر الذي سيجعلهم يخسرون مصالحهم الأرضيّة. ولكن كلمة يهوه تأمرنا: "يـَنْبَغِي أنْ يُطَاعَ يهوه أكْثــَرَ مِنْ النــَّاسِ" (أعمال الرسل 5 : 29).
عن قريب سيجعل الشيطان طاعة يهوه جريمة من خلال قوانين يوم الأحد العالمية وتحريم اتّباع تقويم يهوه الحقيقي. علينا أن نكون على استعداد لأن نـُحسب في عداد المُجرمين لحفظنا سبت يهوه المقدس واتّباع تقويمه القمري الشمسي، على أن نرضخ لقانون بشري ونـُذنِب بعصيان يهوه. سرعان ما سيواجه كل سكان الأرض هذا المأزق. فمن أطيع عندئذ؟ الناس أم يهوه؟ أما نحن فقد اخترنا أن نطيع يهوه مهما تعرَّضنا للضغوط أو العقوبات، لأننا نطلب ملكوتاً سماوياً.
وفي هذه الأثناء، إذ تركنا الكنائس والطوائف المقاومة لحق يهوه، بدأنا التــَّعبُّد ليهوه في بيوتنا، محاولين كسب العائلة والأصدقاء والجيران إلى الحق، حتى تكوّنت منّا جماعات صغيرة من المؤمنين. وهكذا، يمكننا المطالبة بوعد المسيح:"لأنــَّهُ حَيثــُمَا اجتــَمَعَ اثنان أو ثلاثةٌ باسمِي فــَهُناكَ أكُونُ فِي وَسْطِهِم" (متى 18 : 20).
ونحن نشهد أنّنا عندما امتثلنا لأمر يهوه بانفصالنا عن الكنائس والأديان التي لا تمارس الحق (انظر السؤال 18)، استمتعنا بالحرية والعتق، "وتــَعرِفـُونَ الحَقَّ، وَالحَقُّ يُحرِّرُكُمْ" (يوحنا 8 : 32). ليت فرحنا يكون من نصيبك، إذ تقرر الانفصال لكي تصير ابناً ليهوه. "مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شــَيءٍ" (رؤيا 21 : 7).
نرفع صلاتنا ليهوه العلي ليجعلك مُرمِّماً للثغرة التي حدثت في شريعته، وليستخدمك لإنقاذ كل الراغبين في الخلاص من الخداع المميت المستشري في عالم يواجه آخر فرصة له قبل المجيء الثاني لسيّدنا ومخلصنا يهوشوه المسيح.
آمين.
كل آيات الإنجيل مأخوذة من ["Online Bible Millennium Edition" الإصدار: 1. 31 – 12 ابريل 2003]
للحصول على نسخة مطبوعة من "الصراع العظيم" (الكتاب الذي يُسهب في شرح ما تناولناه في هذا المقال) ، أو للحصول على نسخة مطبوعة من "مشتهى الأجيال" (كتاب عن سيرة حياة يهوشوه المخلّص)، اطلب أحد الكتابين مجانا ً بعد التسجيل كعضو في موقع إنذار، وذلك من عرض إنذار المجاني والفريد على الرابط التالي:
http://www.inzar.com/index.php?option=com_content&view=article&id=177&Itemid=136