ككل إنسان عادي، ولدت على الفطرة ثم كان تأثير الوسط الديني الذي نشأت فيه. كان أبي أستاذا في الشريعة الإسلامية بالعاصمة العلمية للمغرب. قادته المادة التي درسها والبحوث التي أجراها إلى الشك في الدين الذي تربى عليه فخاض رحلة البحث عن الحق بين كتب عديدة عن الأديان السماوية وحتى تلك التي يصنفها البعض على أنها أديان وضعية.
اهتدى إلى المسيحية بعد صراع طويل مع الذات والأهل الذين رموه بتهمة الإلحاد لمجرد شكّه في دينهم، لكن إصراره على اتباع الحق أينما يقوده واستقلاله المادي عن العائلة ساعداه على التباث في مواقفه. قاده برنامج إذاعي يبث على الراديو إلى دراسة الكتاب المقدس عن طريق المراسلة مع إحدى الإرساليات الخمسينية التي تنشط بالمغرب ثم قابل مجموعة من المبشرين المحليين وصار يحضر الاجتماعات المنزلية للصلاة ودراسة الإنجيل.
لم يتوقف الحق عند والدي فقط. فقد أصرّت أمي التي لاحظت غياب زوجها صباح كل يوم أحد على مرافقته والتعرف على أصدقاءه الجدد. وبعد مشاركتها في اجتماعات دراسة الكلمة، أشرق عليها نور الحق واهتدت إلى المسيح ثم تعمدا كلاهما في نفس الكنيسة المنزلية. وهكذا صار كاتب هذه السطور يعيش في ازدواجية دينية بين أسرة مسيحية ومجتمع مسلم. اضطرني انعدام الحرية في بلدي إلى التكتم على قناعاتي الدينية التي يحظرها القانون الجنائي لكنني استمريت في حضور الاجتماعات الدينية التي تشارك فيها أسرتي.
عند بلوغي سن الثامنة عشر، حصلت على شهادة البكالوريا في التعليم الثانوي ونجحت في اجتياز مباراة للحصول على منحة للدراسة بالخارج. كانت هذه المنحة بوابتي إلى العالم الحر، ففي فرنسا بإمكانك الجهر بدينك حتى لو لم يتفق مع معتقد الأغلبية! ترددت على إحدى الكنائس الرسمية وبعدها ببضع أشهر، صرت عضوا نشيطا في اجتماعات دراسة الكتاب المقدس. هذه الدراسة فتحت عيني على حقائق كثيرة كما جعلني محيطي الجديد جريئا في أفكاري وشكوكي.
لفتت انتباهي عدة قضايا كتابية تتعارض مع ممارسات كنيستي من أهمها يوم العبادة الذي رغم بحثي المكثف في الكتاب القدس بعهديه القديم والجديد، لم أجد أي إشارة إلى يوم الأحد بل دائما كان يوم السبت الذي حفظه اليهود والمسيح وتلاميذه. سألت أحد شيوخ الكنيسة عن مسألة السبت والسند الكتابي لتقديس يوم الأحد كيوم عبادة فبدا الحرج على وجهه وانتهرني قائلا: أتحسب نفسك وحدك على حق وكل المليارين من المسيحيين على خطأ؟ لا يحفظ السبت اليوم سوى اليهود وطائفة السبتيين. استغربت أذني هذه الكلمة فسألته من يكون هؤلاء السبتيون؟ أجاب بطريقة مبهمة كونهم طائفة مسيحية تحفظ السبت كاليهود. من هذا الجواب المختصر بدأت مرحلة جديدة في رحلتي مع الحق الذي مافتئ يتزايد كلما تعمقت في البحث ودراسة الكتاب المقدس. صادفت هذه المرحلة تخرجي من الجامعة وبالتالي عودتي إلى أرض الوطن حيث حظيت بفرصة عمل في أحد البنوك الفرنسية التي اتخذت من المغرب مقرا لأعمالها بشمال وغرب إفريقيا.
ولجت مواقع الانترنت لتعميق البحث عن الكنيسة السبتية ومعتقداتها. وجدت الكثير من الحق الذي يتفق مع الكتاب المقدس في كتابات السيدة إلين وايت التي أنارت طريقي وأزالت العديد من شكوكي وتساؤلاتي. لطالما تعجبت للدور الهام الذي لعبه ميخائيل رئيس الملائكة في سفر الرؤيا حتى شككت في كونه أعلى مقاما من ابن الخالق يهوشوه. لكن النور الجديد أبان لي أنهما شخص واحد. ولطالما سألت عما يحدث لنا مباشرة بعد الموت؟ علمتني كنيستي السابقة أن من يموت مؤمنا يذهب إلى الفردوس فور مماته مستشهدة بوعد يهوشوه للص الذي صلب عن يمينه : الحق أقول لك اليوم تكون معي في الفردوس (لوقا ٤٣:٢٣) . لكن النور المتزايد أخبرني أن معنى الجملة تم تحريفه بوضع الفاصلة في غير محلها. انتبه إلى ما يلي:
- الحق أقول لك، اليوم تكون معي في الفردوس : أي في هذا اليوم تكون في الفردوس.
- الحق أقول لك اليوم، تكون معي في الفردوس : أي اليوم أخبرك أنك تكون في الفردوس.
الموت مجرد رحلة نوم في انتظار القيامة كما أشار يهوشوه حين تكلم عن وفاة أليعازر: " ألعازر حبيبنا قد نام" (يوحنا ١١:١١).
أيضا، أستغفر يهوه لشكوكي السابقة في عدالته كلما فكرت كيف لخالق عادل أن يعذب إنسانا إلى الأبد ولو كان شريرا إذ هل يجازى شر دام ثمانين أو تسعين سنة بعذاب أزلي لاينتهي؟ يجيبنا الكتاب المقدس عكس تعاليم معظم الكنائس:"هوذايوم يهوه قادم قاسيا بسخط وحمو غضب ليجعل الأرض خرابا ويبيد منها خطاتها." (إشعياء ٩:١٣) "لأنه بعد قليل جدا يتم السخط وغضبي في إبادتهم" (إشعياء ١٠:٢٥) مصير الأشرار هو الإبادة والفناء وليس العذاب اللانهائي.
تم تعييني في أحد فروع البنك بغرب إفريقيا وهناك انخرطت في شبيبة الكنيسة السبتية وتم تعميدي ثم شاءت السماء أن ألتقي شريكة حياتي في نفس الكنيسة التي أبصرت فيها نورا عظيما. بعد مضي ثلاث سنوات، اتصل بي أحد قادة الكنيسة ليدلي لي بعرض من اتحاد الكنيسة السبتية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. شمل هذا العرض دعوة من الكنيسة لتكويني كمبشر ورائد سبتي في بلدي. لهذا الغرض، تعهدت الكنيسة بالتكفل بي وبأفراد أسرتي أثناء فترة الدراسة بإحدى كليات اللاهوت في أمريكا الجنوبية.
لكم كانت فرحتنا، أنا وزوجتي، بهذا العرض فصلينا من أجل الإرشاد الإلهي وقبلنا العرض بغبطة وسرور. لم أكن أعرف حينها أنني أخطو خطوة أخرى في طريق الحق المتزايد.
بدأنا حياة جديدة، تعلمنا اللغة المحلية وتمكنت من اجتياز مباراة الولوج إلى كلية اللاهوت، كانت المواد متنوعة وشيقة: التغذية السليمة، اللغة العبرية، فن الخطابة، أساليب البحث العلمي، الأخلاق المسيحية...إلا أن مادتي المفضلة كانت عن تاريخ الكنيسة السبتية حيث نرى بوضوح أن الحق لم يأت دفعة واحدة بل على دفعات عدة وبشكل متزايد.
اكتشفت إلين وايت والرواد الأوائل كنوزا ثمينة كحفظ السبت بدلا عن الأحد الوثني الروماني، دخول المسيح إلى قدس الأقداس وبداية الدينونة الاستقصائية...لكنهم لقوا معارضة واضطهادا شديدا من باقي الطوائف المسيحية خاصة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. لاحظت اختلافا شديدا بل تناقضا صارخا بين الكنيسة السبتية في بدايتها حيث كانت كنيسة محافظة متمسكة بحقائقها ومبادئها رافضة الاختلاط مع بقية الكنائس البابلية، والكنيسة الحديثة التي تخطب ود الكاثوليك وتندمج مع البروتستانت رامية باختلافاتها في مكب النفايات التاريخية.١
ومما يزيد الطين بلة اعتراف المجمع العام بباقي الكنائس البابلية "نحن نعترف بالهيئات التي تمجد المسيح أمام الناس باعتبارها جزأ من الخطة الإلهية للكرازة إلى العالم، ونحن نقدر تقديرا كبيرا المسيحيين في الطوائف الأخرى التي تشارك في كسب النفوس للمسيح". (خطة العمل للمجمع العام ٠٧٥) ٢
فانتابتني شكوك مريبة قمت على إثرها بتعميق البحث في تاريخ الكنيسة السبتية على محركات البحث. صليت بحرارة أن أكون مخطئا وأن تكون شكوكي مجرد ظنون واهية. لكن الحق يبقى حقا وإن اختلف معه العالم كله.
اكتشفت موقع فرصة العالم الأخيرة الذي سبب لي صدمة كبيرة وخيبة أمل تجاه كنيستي التي بسبب فتورها صارت لاودكية بامتياز وانطوت تحت لواء بابل. تفضح مقالات WLC تقرب المجمع العام من الفاتيكان مستندة على وثائق وصور مستمدة من مصادر سبتية رسمية. ٣
قمت باستشارة أساتذتي عن هذا التغير في موقف الكنيسة السبتية وسبب توقف الحق عند وفاة إلين وايت دون ظهور أي نور جديد. هل انقطع الوحي والتواصل مع الخالق أم تراه الفتور الذي أصاب لاودكية؟ ماذا عن السبت القمري وتفسير الملوك الثمانية ٤ لم تكن الردود سوى تأكيدا لكون الكنيسة السبتية لا تدرك ضعفها فلا تشعر بحاجتها إلى برّ يهوه ونعمته فصارت كالفريسي المتكبر لا يدرى ماذا يحتاج من الخالق!
اتهمني البعض بالهرطقة دون مناقشة وآخرون دعوني إلى التفكير في دراستي وتجنب المشاكل! لهذا قررت أن أصلي لأبي يهوه طالبا الهداية واستمريت في قراءة مقالات WLC والتأكد من صحة كل ما هو مذكور فيها. اتفق فهمي للكتاب المقدس مع الحقائق التي تحويها مقالات موقع فرصة العالم الأخيرة فقررت اتباع هذا النور الجديد مدركا أن الحق لا يقتصر ولا يتوقف عند طائفة أو مجموعة معينة.
النور مستمر في التزايد على طريق كل من يتبعون يهوشوه. فالحق يتكشف باستمرار لشعب ياه. ويجب أن نتقدم باستمرار إذا كنا نتبع قائدنا. فحين نسلك في النور الذي يشرق علينا. مطيعين الحق المتاح لفهمنا. عندئذ نقبل نورا أعظم. لا عذر لنا في عدم قبول شيء، إلا النور الذي كان لأبائنا قبل مائة سنة. لو رأى آباؤنا الذين يتقون يهوه ما نراه. وسمعوا ما نسمع. لقبلوا النور. وسلكوا فيه. إذا رغبنا أن نتقلد بأمانتهم. فيجب أن نقبل الحقائق المتاحة لنا. كما قبلوا هم تلك المقدمة لهم. ويجب أن نعمل كما كانوا سيعملون. لو عاشوا في يومنا.٥
بعد صلاة طويلة ونقاش عائلي حاد، تقدمت بطلب الانسحاب من كلية اللاهوت السبتي وبعدها سحبت عضويتي من هذه الكنيسة البابلية. اليوم وبفضل يهوه، عدت أدراجي لأعيش مع أسرتي بعيدا عن التبعية والولاء للكنائس المنظمة. لست أتبع أحدا سوى المسيح الفادي وليس لي ولاء لغيره. أجتمع مع أسرتي لدراسة الكلمة المقدسة وعبادة الخالق في سبوته الحقيقية. قد نكون وحيدين أو منعزلين لكن كلمته تعزينا في كل حين.
عزيزي القارئ، اطلب وصل من أجل نور جديد. أفضل دليل على أن يهوه يقودك هو أنه لا يزال يعلمك حقائق جديدة.
افحص قلبك. ما هو النور الجديد الذي تلقيته؟ هل هناك نور رفضته؟ هل أنت متأكد من أنك رفضت الخطأ وليس النور؟ عد وادرس من جديد. الحقائق المتاحة اليوم هي في غاية الأهمية لنفسك. لأن هذا هو النور الذي يعدك لملاقاة يهوشوه في سلام عندما يأتي.
وهو على الأبواب!
١
٢
٣
https://www.worldslastchance.com/for-sdas-only/an-appeal-to-sdas.html
٤
https://www.worldslastchance.com/end-time-prophecy/revelation-17-kings-arabic.html
٥