عندما يتحدث الكتاب المقدس عن أولئك الذين سيُتركون، لم يقل أنّهم سيتركون أحياء على الأرض. فالفقرة المطوّلة في لوقا 26:17-37 تصف الحدث بالتفصيل .. كما كان في أيام نوح. كان في أيام نوح طائفتان من الناس، إحداهما أُخذت (خلصت في الفلك)، والأخرى تُركت (هلكت بالطوفان .. عدد 27) .. وكان كذلك في أيام لوط فئتان أيضاً ..، فئة أُخذت خارج المدينة وخلصت والفئة الثانية هلكت داخل المدينة).
سيكون الأمر مشابهاً لذلك عند مجيء السيد يهوشوه (لوقا 30:17-37)، فريق سيؤخذ إلى السماء مع يهوشوه والآخر سيهلك. في لوقا 37:17، يَسأل السؤال .. أين هو السيد يهوشوه المسيح ! أين يُترك هؤلاء الناس؟ وإجابة الكتاب المقدس واضحة،(( حيث تكون الجثة هناك تجتمع النسور )) ورؤيا 11:19-18 توضّح هذه النقطة بأنّ الأشرار يهلكون عندما يأتي يهوشوه ثانيةً (انظر كذلك 2تسالونيكي 7:1-9؛ 8:2).
ألا يعلّم الكتاب المقدس بأنّ يهوشوه سيأتي كلصّ؟ (1تسالونيكي 2:5).
كلّ مرجع كتابي عن مجيء يهوشوه كلص، إنّما يشرح المباغتة الغير متوقعة، لذلك وجب على المؤمنين أن يسهروا مصلّين كالعذارى الحكيمات ومعهن زيت النعمة مملوءات من الروح القدس. إنّ هذا الوصف لا يتعلّق بطريقة مجيء السيد يهوشوه .. فهو سيأتي سريعاً فجائياً كما يأتي اللص عندما لا يتوقعه أحد. ولكنه سيجيء في مجد باهر كالبرق (طالع متى 42:24-44؛ 1تسالونيكي 1:5-5؛ متى 27:24). يعلّم الجزء الوارد في 2بطرس 10:3؛ رؤيا 15:16 بأنّ مجيء المسيح سيكون علنياً وستنظره كل عين. لا شيء سرّي في الأمر.
هل يعيش شعب يهوه في الضيقة القادمة أم أنّهم يُختطفون قبل حدوث الضيقة العظيمة؟
إنّ اختبارات إسرائيل القديم كانت أمثلة أعطاها يهوه لشعبه الذي يعيش الآن في آخر الأيام. فكما خلصت إسرائيل من الضربات، هكذا ستُحفظ كنيسة يهوه الأخيرة وسط الضربات في الضيقة العظيمة وسوف تُخلّص من يدّ المضطهد (1كورنثوس 11:10؛ مزمور 46:91). لقد أُدخل شدرخ وميشخ وعبدنغو أتون النار المتقدة عندما رفضوا الانصياع لقانون ملك بابل بالقتل والهلاك لكلّ من لا يسجد لتمثاله الذهبي العظيم. لقد نجّاهم السيد بطريقة معجزية، وتحدى إيمانهم هذه النيران ووجدوا المخلص هناك يستقبلهم داخل الأتون (دانيال 16:3-28). إنّه سيأتي كلص بعد الضربات (رؤيا 15:16). فما معنى أن يعلن قوله (( هوذا أنا آتٍ كلص )) بعد أن تكون قد نزلت الضربات؟ وكيف يجيء قبلها وبعدها؟ إنّ رؤيا 8:15 تعلن بقوّة (( لا أحد يستطيع أن يدخل الهيكل (السماوي) حتى تتمّ الضربات )).
هل يوضـّح الكتاب المقدس إذا ما كان يهوشوه سيأتي للقديسين أم مع القديسين؟
إنّ المؤمنين بنظرية الاختطاف السرّي يعتقدون بأنّ يهوشوه سيأتي للقديسين في اختطاف سرّي قبل الضيقة العظيمة .. وأنّه سيأتي بعد ذلك مع القديسين عند ظهوره المجيد بعد قضاء سبع سنوات في الهواء فينزلون على الأرض للملك الألفي.
التعبير (( لأجل القديسين )) لا يوجد في الكتاب المقدس مع أنّ الفكرة واضحة في يوحنا 3:14؛ 1كورنثوس 23:5؛ 2تسالونيكي 1:2؛ 1تسالونيكي 15:4-17 وليس فيها التباس.
أما التعبير (( مع القديسين )) ورد ثلاث مرّات في السجلّ المقدس (انظر زكريا 5:4؛ 1تسالونيكي 13:13؛ يهوذا 14).
فمن هم أولئك المقصود بهم (( القديسين ))؟
المقدسون الأبرار أو القديسون كما يُشار إليهم في العهد القديم. فهم يُقصد بهم أحياناً الملائكة (أنظر تثنية 2:33؛ دانيال 13:4، 17، 23). وفي حالات أخرى قصد بهم الناس (أنظر تثنية 3:33؛ دانيال 18:7،21 ؛ مزمور 3:16). وهناك ملاكان يذكران بتكرار في العهد الجديد بخصوص مجيء المسيح الثاني (متى 39:13-49 ؛ 27:16 ؛ 31:24-36 ؛ مرقس 38:8) ويدعون (( ملائكة أطهار )) في (لوقا 26:9 ؛ اعمال 22:10 ؛ رؤيا 10:14) يظهر جليّاً أنّ تعبير "مع القديسين" يشير إلى الملائكة الذين يواكبون مجيء المسيح الثاني المجيد .. في ذلك الوقت يأتي ليجمع قديسيه.
مجيء المسيح .. هل سيكون سرّياً أم منظوراً – أم كلاهما؟
لقد كان المجيء
الثاني للمسيح المخلص رجاء المؤمنين منذ بدء الحقبة المسيحية والرسولية.
وقد فُسّر مفهوم كيفية حدوثه بطرقٍ شتّى. بالرغم من وضوح تعليم الكتاب
المقدس فهو لا يدع مجالاً للشكّ حول طريقة مجيئه. عب 9: 28
الرجاء المبارك
1. |
عبرانيين 9: 28 |
سيأتي يهوشوه ثانية للخلاص (المجيء الثاني آخر مشهد في
بانوراما الخالص) |
2. |
يوحنا 1:14-3 |
سيأتي ثانية ليأخذنا لبيته السماوي أولاً وسيحضرنا معه بعد الألف السنة. |
3. |
تيطس 2:13 |
يتحقق الرجاء المبارك عند ظهور المسيح الممجد فيتهلل المخلّصون ويسبحونه. |
طريقة ظهوره
1. |
أعمال 1: 9- 11 |
يهوشوه نفسه سيأتي بنفس الكيفية، حرفيّاً وشخصيّاً. |
2. |
متى 24: 27 |
سيكون ظهوراً منظوراً (راجع أيضاً رؤيا 7:1) |
3. |
1 تسالونيكي 4: 16، 17 |
سيكون ظهوراً مسموعاً ببوق وهتافات الأجناد السمائية |
4. |
مرقس 13: 26، 27 |
سيكون ظهوراً عظيماً ممجّداً لملك الملوك وسيد الأسياد |
5 |
متى 24: 43، 44 |
سيكون ظهوراً مباغتاً كالمخاض للحبلى |
نظرية الاختطاف السرّي
اعتقاد محبّب بأنّ شعب يهوه سيختطف سرّاً بعيداً عن الأرض قبيل المجيء الثاني المجيد ليهوشوه المسيح. وسيُتبع بسبع سنين من الضيقة التي لن يجوز فيها المؤمنون، إنّما بقية أهل العالم يمرّون بصنوف العذابات والآلام والأحداث الخطيرة العديدة. وبعد هذه المدة يرجع المسيح في مجده مع القديسين الذين اختطفهم، ليقضي على الأشرار ويؤسس حكمه على الأرض. ويستندون إلى المراجع التالية لتأييد نظريتهم:
1. |
متى 24: 40، 41 |
يؤخذ الواحد ويترك الآخر (انظر أيضاً لوقا 17: 26- 37) |
2 |
1 تسالونيكي 5: 1، 2 |
كلصّ في الليل (انظر أيضاً 2 بطرس 10:3 ؛ رؤيا 15:16) |
3. |
1 تسالونيكي 3: 13 |
يأتي مع قديسيه (انظر كذلك زكريا 5:14 ؛ يهوذا 14) |
الاستعداد للحدث المبارك
1. |
متى 24: 13 |
اسهروا إذاً (( الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص )) |
2. |
عبرانيين 23:10 - 25 |
شجّعوا بعضكم البعض (( لنتمسّك بإقرار الرجاء راسخاً )) |
3. |
عبرانيين 35:10 - 39 |
لتكن لكم ثقة بإلهكم (( فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة )) |
لا رجاء في خطط البشر
إنّ من أذكى العبقريات الإنسانية "البرت اينشتاين" العالم الألماني الفذّ صاحب النظرية الفراغية الخاصة بجزيئات المادة والتي نتج عنها القنبلة الذرّية، حمل همّا عندما تحقّق من تردّي الحياة على الكرة الأرضية وتفاقم مشاكلها فوضع ثقته في العلم والمعرفة وألقى بقنبلة فكرّية مفادها أنّ .. العلم يمكن أن يصير دين العالم والمتتّبع لمشاكل العالم المستعصية على الحلّ لا يسعه إلاّ أن يعترف بأنّ يداً غير منظورة تهيمن على هذا الكون بعبقرية نظرياته ونظمه الفائقة الدقة والاتزان. وإذا تيقّن الإنسان من عجزه الترابي ولجأ إلى منسّق هذا الخلق العجيب لوضع كلّ ثقته ورجائه في استعلان ملك المجد في المجيء الثاني ليخلص هذه البسيطة من أدران الشرّ والشرّير وليمنح المؤمنين حياة بدل الفناء. فكما نرى نوقن بأنّ الضيقات والمنغصات والمهددات التي يعاينها العالم اليوم هي مرحلة مخاض تؤذّن بمولد عالم جديد، أو ليس هذا ما قاله السيد في وصف هذه الأيام الأخيرة التي تسبق مجيئه الثاني (( وعلى الأرض كرب أمم بحيرة، والناس يُغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة )) ؟ لوقا 25:21،26.
ثم يقـــول معقــباً (( ومتى بدأت هذه تكـون فانتصـــبوا وارفعـوا رؤوسكـم لأنّ نجاتكــم تقــترب )) (( وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتياً في سحابة بقوةٍ ومجدٍ كثير )) لوقا 27:21،28. فيهوشوه، وحده هو رجاء العالم وهو الحلّ الوحيد لكلّ مشاكل الجنس البشري .. هو صانعه وراعيه وفاديه ومليكه المظفر ورجاؤه المبارك الآتي في ربوات قديسيه.
المسيحية هي ديانة الرجاء
وحسبنا أن نجد (( كلمة رجاء )) قد وردت ثمانين مرّة في أعمال الرسل والرسائل وأينما ذكرت كلمة (( رجاء )) في الإنجيل المقدس، جاءت كلمة مجيء المسيح مقترنةً بها. فمجيء المسيح هو بحقّ رجاء العالم اليوم، وهذا هو السرّ في نعمة اليقين القوّية التي تنبعث من أقوال الرسل والأنبياء كقول الرسول (( مبارك يهوه .. الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانيةً لرجاء حيّ بقيامة يهوشوه المسيح من الأموات )) 1بطرس 3:1.
ولنا في أسفار الكتاب المقدس ما يزيد على 2500 نبوّة صريحة عن رجوع المسيح المخلص في مجده. ولو لم يجيء السيد ثانية لما استفاد المؤمنون من خطة الخلاص برمّتها ولما حصلوا على الخلاص والحياة الأبدية ولاستفحل الشرّ في العالم ولدانت الدنيا للشيطان مبدع الشرّ وعدو الخير ولعم الظلام والضياع والهلاك. لذلك فليس فقط مهمّ أن نؤمن بالمجيء الثاني ونفرح بحقيقة حدوثه بل يجب علينا أن نسهر مجاهدين شاهدين مستعدين ومنذرين العالم حتى يفتدي الوقت ويسلّم لفاديه الزمام والقيادة حتى يوّجه سفينة حياتنا جميعاً إلى مرسى السلام وحتى يختم يهوه بروحه القدوس على قلوبنا ويثبّت أسماءنا في سفر حياة الخروف.
ماران أثا:
بلغت اللغات واللهجات التي ترجم إليها الكتاب المقدس كله أو أجزاء منه 1250 لغة ولهجة وهي آخذة في الازدياد ولكن كلمة واحدة بقيت تحمل اسمها الرسولي باللكنة السريانية التي تكلمها المسيح يهوشوه نفسه وكان لها جرسُ رنّان ومغزى سامٍ عزيز عند المؤمنين عامة والرسل خاصة ومعناها (( السيد أتٍ سريعاً )). وعندما ضيق الرومان واليهود المتعصبون الخناق على المؤمنين وقاسوا ألوان العذاب المرير وصنوف الاضطهاد المتنوعة. كان اتباع المسيح يحيّون بعضهم بعضاً قائلين "ماران أثا" متفادين بكلمة السرّ هذه بينهم حقد الحاقدين ودسائس المتآمرين ومتحدين بقوة هذا الرباط المقدس الذي يحيي فيهم الرجاء المبارك بالمجيء الباهر والمجد الأسنى.
لقد عاش المسيحيون الأولون في جوّ رهيب ملبّد بالخوف والمخاطر وكانت كلمة "ماران أثا" هذه المشتقّة من وعد السيد يهوشوه هي عبارة التشجيع التي يتنادى بها أولاد يهوه في أيام نيرون حين كان يقذف بهم إلى الأسود الجائعة في مسرح "الكوليسيوم". وكان هذا هو سرّ صمودهم وثباتهم أمام أهوال الاضطهاد وألوان التنكيل والتمثيل والتعذيب.
مرساة الرجاء
يرى السائح في سراديب روما الأثرية، التي كان يختبيء فيها المسيحيون الأوائل في عهد الاضطهاد الروماني ثلاثة نفوس رمزية ملفتة للنظر ومنتشرة على الجدران في كل مكان! وقد تضمّنت هذه النقوش أو الرموز قانون إيمان الشهداء – وهي السمكة .. والصليب .. والمرساة !!
إيمان الشهداء – وهي السمكة .. والصليب .. والمرساة ! ثلاث رموز ذات مغزى كبير فالسمكة (ICTHUS) وهي الحروف الأولى من العبارة المسيحية اليونانية (( يهوشوه المسيح ابن يهوه المخلص )). والصليب وهو الذي يحكي قصة محبة يهوه للعالم. والعزاء الذي تمّ عل أكمل وجه بالمسيح !!
أما المرساة فهي رمز الرجاء، ويقينية رجوع المسيح. وهذا التشبيه مستعار من وعد المخلص (( إن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً )) وقد شبّه الرسول صعود المسيح ودخوله إلى الأقداس السماوية، كباكورة الراقدين، وكسابقٍ لنا، شبّه ذلك بالمرساة (( .. نحن الذين التجأنا لنمسك بالرجاء الموضوع أمامنا الذي هو لنا كمرساة للنفس مؤتمنة وثابتة تدخل إلى ما دخل الحجاب. حيث دخل يهوشوه كسابق لأجلنا .. )) عبرانيين 18:6،19.
إنّ أهميّة التعاليم تقاس بما تحتلّه من مكانة في أسفار الوحي، فالمجيء الثاني للمسيح يهوشوه يحتلّ مكان الصدارة بغير مزاحم .. ولا عجب فهو أعظم وأخطر حدث سيقع في تاريخ هذه الأرض منذ خُلقت! والآن جاء الوقت لأن نتساءل: تُرى كيف يأتي المسيح فى مجيئه الثاني!؟ ولماذا يأتي !؟ وماذا يحدث عند مجيئه !؟
ذهب البعض إلى أنّ المجيء المشار إليه في هذه النصوص هو كناية عن مجيء المسيح للمؤمن عند موته .. وذهب البعض الأخر إلى أنّ مجيء المسيح يقصد به حلول الروح القدس في العهد المسيحي بوصفه نائب المسيح .. والبعض بأنّه كناية عن تحديد العالم ونهايته.
أولاً – إنّ ما توهمه البعض من أنّ وعد السيد بالمجيء ثانية إنّما يعني مجيئه للمؤمن عند الموت، وهمُُ باطلُ ومرفوض للأسباب الآتية:
أ-إنّ المسيح لا يأتي عند موت المؤمن (( بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق يهوه )).
ب-كما أنّ الأحياء الباقين لا يختطفون عند موت المؤمن!
ثانياً – كما أنّ مجيء السيد المشار إليه في الآيات المتقدمّة لا يعني مجيء الروح القدس.
أ-إنّ يهوشوه لا يأخذنا إليه لنكون معه عند مجيء الروح القدس، بل بالحري هو يأتي إلينا ليكون معنا (يوحنا 18:14، 21،22).
ب-كما أنّ مجيئه في الروح القدس لا يغيّر (( شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده )) (فيلبي 21:3).
ج-كما أنّ مجيء الروح القدس لا يقترن بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق يهوه، ولا بقيامة ولا باختطاف الأحياء.
ثالثاً – كما أنّ مجيء المسيح المشار إليه لم يتمّ بخراب أورشليم. يشهد بذلك أنّ يوحنا الحبيب كان بعد خراب أورشليم يتطلع إلى مجيء السيد ثانية بشوق كبير. (رؤيا 20:22).
رابعاً – كما انّ ما ذهب إليه البعض بأنّ مجيء المسيح إنّما يرمز إلى تجديد العالم، هو قول هراء بدون سند.
إنّ العالم سيسير من سيئ إلى أسواء (( ولكنّ الناس الأشرار .. سيتقدمون إلى أردأ مضلّين ومضَلين )) (2تيموثاوس 13:3).
وفي ضوء هذه الحقيقة الناصعة ما أغرب التعاليم العليلة والمدخولة التي ذهب إليها المدعوّون "شهود يهوه" من أنّ قيامة يهوشوه كانت قيامة روحية وليست جسدية، وأنّه لم يصعد إلى السماء بجسم بشريتنا !!
أمّا ما ذهب إليه "مناجو الأرواح" الذين يروّجون بكل وسائط الأعلام، هذه الأيام، بأنّ يهوشوه صعد إلى السماء بجسم اثيري. يتراءى ويذوب أنّى يشاء وأين يشاء. وأنّه سيأتي، حسب وعده، ولكن ليس بجسم فيزيقي وإنّما بجسم اثيري كالأشخاص الذين يتجددون ويظهرون في جلسات مناجاة الأرواح !! وهو زعم باطلُُ ومكذوب. (( إن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدّقوا. لأنّه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلّوا لو أمكن المختارين أيضاً. ها أنا قد سبقت وأخبرتكم. فإن قالوا لكم ها هو في البريّة فلا تخرجوا. ها هو في المخادع فلا تصدّقوا )) متى 23:24-26. ولكي نعتصم من الانزلاق في مهاوي الضلال ينبغي أن نحصّن عقولنا بالحقّ الكتابي الذي يوضّح بأنّ يهوشوه قد صعد إلى السماء بجسمه البشري. وفي لوقا 24 نجد يهوشوه يثبت أنّه كان لا يزال بالجسد بعد القيامة فأراهم يديه ورجليه وآثار الصليب بادية على جسمه الذي صلب به.
مجيء للمجازاة
قال السيد يهوشوه (( أنا هو القيامة والحياة )) (يوحنا 25:11). وإذا نحن سلّمنا له نفوسنا الآن فسوف يقيمنا حتماً عندما يأتي ويعطينا الحياة الأبدية. إذا كنّا طائعين ليهوشوه وأمناء لعهده وإذا قبلنا الوعد المبارك. (( لأنك تكافى في قيامة الأبرار )) (لوقا 14:14) ووعده الصريح (( وأنا أقيمه في اليوم الأخير )) (يوحنا 40:6). فسواء بقينا أحياء عند مجيئه أو رقدنا في القبور فإن الملائكة سوف يهتدون إلينا حتماً، إذ لا يوجد خفيّ أو مجهول عنده. يرقد بعض القديسين في أعماق البحار ولكن يُسلّم (( البحر الأموات الذين فيه )) رؤيا 13:20. وقد احترق في الأجيال الماضية كثيرون حتّى أصبحوا رماداً وبعضهم افترستهم الحيوانات الضارية، وعظام آخرين قد يبست وتحللت في القفار النائية والبراري الموحشة أو في كهوف الأرض! ولكن عندما يُضرب بالبوق ستندفع ربوات من الملائكة بسرعة البرق ليجمعوا كلّ قديسي يهوه ! وعليه فلنبتهج ولنتطلع إلى فوق. عسى السيد يأخذ بأيدينا جميعاً ويعيننا كي نحيا وفق مشيئته ونحفظ شريعته فلا نحرم من القيامة الأولى المباركة.
العلامات الدالة على قرب مجيء المسيح ثانية
قال المُخًلص.. (( وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس .. )) (متى 29:24). والآن تُرى ما هو هذا الضيق المشار إليه؟ متى وقع .. ومتى انتهى .. ؟ وهل ننتظر المزيد من العلامات والضيقات، حتى نستطيع أن نحدد موعد وقوع هذه العلامات ؟؟
تحدّث يهوشوه في خطابه الضافي هذا عن ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم ولن يكون (متى 21:24).
ولقد تمّت هذه النبوّة بصورة جزئية في الضيق الذي أحاق بأورشليم وانتهى بخرابها على أيدي الرومان سنة 70م. إلاّ أنّها تمّت على نطاقها الكامل في زمن الاضطهاد البابوي الذي دام 1260 سنة طبقاً لما جاء في نبوءة دانيال (25:7). وابتدأت هذه المدّة المديدة عام 538م حين تولّت كنيسة روما البابوية على السلطة المدنية والدينية، وانتهت عام 1798م حين أرسل نابليون بونابارت القائد برتييه فأسر البابا ونفاه إلى فرنسا وجرّد الكنيسة البابوية من كافة السلطات المدنية، فأصدر منشوراً عاماً يقضي بالحرية الدينية، وانتهى عهد محاكم التفتيش والطغيان البابوي والشهداء من المصلحين المتمسكين بكلمة الوحي.
لقد سمّى الكتاب المقدس الفترة التالية لهذه الحقبة الاضطهادية (زمن الضيق) بعصر العلامات التي تتوالى لتسبق مجيء المسيح المظفّر. وقد شاءت عناية السيد المحبّ أن تقصر تلك الأيام (متى 22:24) فقد انحسر الاضطهاد البابوي عام 1775م.
(( وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه )) متى 29:24.
تمّ ذلك في العاشرة صباح يوم 19 مايو (ايار) سنة 1780م .. وأظلمت الشمس فجأة دون سابق إنذار وعادت الطيور إلى أوكارها والبهائم إلى حظائرها. وهذا يطابق تماماً رؤيا يوحنا حين فتح الختم السادس (( ونظرت لما فُتح الختم السادس وإذا زلزلة عظيمة حدثت والشمس صارت سوداء كمسح من شعرٍ والقمر صار كالدم )) رؤيا 12:6.
وكان الختم السادس قد افتُتح بزلزال عظيم وهو زلزال (( لشبونة )) الشهير في أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1755م والذي يعتبر أعظم هزات الطبيعة بعد الطوفان الذي قدرت فيه النفوس الهالكة بثلاثمائة ألف نسمة في العاصمة لشبونة وحدها.
وفي 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1833م تساقطت الشهب والأجرام السماوية والنيازك على جملة أماكن في أمريكا الشمالية وظهرت على سواحل غرب أوروبا كذلك، كان المنظر يشبه الفواكه الناضجة المتطايرة بفعل الرياح العاتية.
وفجأة (( السماء انفلقت كدرج ملتف وكل جبل وجزيرة تزحزحا من موضعهما .. لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم ومن يستطيع الوقوف )) رؤيا 14:6.
إنّ العلامات قد تتابعت بطريقة متسارعة فالحروب وأخبار الحروب وكرب الأمم والأوبئة والزلازل والحالة الاجتماعية المتردية وتفاقم الشرّ وازدياد المعرفة والكرازة ببشارة الإنجيل إلى كل المسكونة شهادة لجميع الأمم ثم بعد ذلك يأتي المنتهى.
لم يبق أمامنا علامات ننتظر حدوثها حتى نعرف أنّه قريب على الأبواب. بل إننا في الحقيقة نعيش في زمن مستعار، ولولا أنّ يهوه لا يشاء أن يهلك أحد بل أن يخلص الجميع(( لا يتباطأ السيد عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنّى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة. ولكن سيأتي كلصّ في الليل يوم السيد الذي فيه تزول السموات بضجيج وتنحلّ العناصر وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها )) 2 بطرس 9:3،10.
وجب علينا أن نصغي إلى قول الملك الآتي حتى نخلص (( اسهروا إذاً. لأنكم لا تعلمون متى يأتي سيد البيت أمساءً أم نصف الليل أم صياح الديك أم صباحاً. لئلا يأتي بغتةً فيجدكم نياماً. وما أقوله لكم أقوله للجميع اسهروا )) مرقس 35:13-37.