واضح من نصّ الآيات السابقة أنّ استعلان المواهب الروحية الذي يعتبر
امتيازاً خصّه الروح القدس للمؤمنين الأتقياء، وهذا بدوره يُزكي الغيرة عند
الفاترين المتصنّعين للتقوى عندما يقارنون أنفسهم بالمتقدمين في الخدمات
الكنسية المرموقين والموقرين من الجماهير فيبدأون بتقليدهم حتى يحصلوا هم
بدورهم على اكتساب ثقة الأعضاء ويتبوأون أو يشغلون المناصب الرفيعة وهذا
يجرّهم إلى التظاهر بنيل رضى يهوه وانسكاب الروح القدس وعادة يختارون ((
التكلّم بألسنة )) دون غيرها من المواهب الروحية لأنّهم يمكنهم التخفّي
وراء تمتمات مبهمة بألفاظ غريبة يستعصى على البسطاء تمييزها أو انتقادها.
وما يزيد من استفحال الأمر أنّ هناك آخرون مثلهم يطلبون الأضواء والشهرة
فيلجأون لتأييد أمثال هؤلاء فيختلط الحابل بالنابل وتعمّ الفوضى والارتباك
والارتجال. ولقد نصحنا الرسول يوحنا الحبيب بقوله ((
أيها الأحبّاء، لا تصدقوا كلّ روح، بل امتحـنوا الأرواح هــل هي من يهوه ؟
لأنّ أنبياء كـذبة كثيرين قد خــرجوا إلى العـــالم )) 1 يوحنا 1:4.
دليل التلمذة:
1- (( إلى الشريعة وإلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر )) إشعياء 20:8.
من المهم جدّاً أن يكون المؤمن الحقيقي الصادق طائعاً لوصايا يهوه العشر ممتنعاً عن فعل التعدّي عينه ومتقدماً لعمل الصلاح الإيجابي سالكاً كما سلك ذاك في جدّة الحياة.
2- (( من ثمارهم تعرفونهم )) متى 20:7.
فأولاد يهوه ثابتون في الكرمة ينهلون من نهر الحياة ويتغذون على كلمة يهوه فتظهر في حياتهم ثمار الروح القدس ويجولون يصنعون خيراً ويكونون رسالة يهوه المقروءة من جميع الناس.
3- (( الروح الذي تنبّأ بالسلام عند حدوث الخبر يُعرف أنّ يهوه قد أرسله )) إرميا 9:28.
فكثيراً ما يطلق البعض العنان لأنفسهم زاعمين أنّهم قد كُشِف عنهم الحجاب أو نالوا حظوةً عند يهوه فأختارهم للنبّوة ويبرهنون على ذلك بالتنبؤ بالشرّ على إنسان أو مؤسسة، وعندما يحدث ذلك الشرّ يتوهّم السذّج والبسطاء أنّ هؤلاء قد أُعطوا موهبة النبّوة. لكنّ الشيطان وهو عدوّ الخير يمكنه توظيف أمثال هؤلاء الناس لفعل الشرّ بالتعاون مع الأجناد الشرّيرة لخداع الجماهير. أمّا من يتنّبأ بأمرٍ حسن وبسلامٍ فيصعب عليه برهنة صدق نبوّته ما لم تكن موهبته حقيقية صادقة بوحي من الروح القدس.
4- (( بهذا تعرفون روح يهوه: كلّ روح يعترف بيهوشوه المسيح أنّه قد جاء في الجسد فهو من يهوه )) 1 يوحنا 2:4.
5- لابدّ من الاعتراف والإيمان بألوهية المسيح الكاملة (( فإنّ فيه يحلّ كلّ ملء اللاهوت جسدياً )) كولوسي 9:2.
6- ومما يجدر الإشارة إليه أنّه لا توجد استعلانات أو قوّات أو تكلّم بألسنة كشروط وممّيزات للمؤمنين بل على العكس فقد حذّرنا السيد يهوشوه نفسه من هذه المعجزات التي يتفاخر بها المدّعون بقوله (( كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم: يا سيد، يا سيد! أليس باسمك تنّبأنا وباسمك صنعنا قوّاتٍ كثيرة؟ فحينئذ أصرّح لهم: إنّي لم أعرفكم قطّ! اذهبوا عنّي يا فاعلي الإثم )) متى 22:7-23.
يوم الخمسين والمطر المبكر:
إنّ من يقرأ الإصحاح الثاني من سفر أعمال الرسل يلاحظ الآتي:
أ- لما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة.
ب - صار بغتةً من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كلّ البيت حيث كانوا جالسين.
جـ – ظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنّها من نارٍ واستقرت على كلّ واحد منهم.
د- امتلأ الجميع من الروح القدس.
هـ- ابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا.
و- تواجد في ذلك الاجتماع 15 جنسية مختلفة هي: فرتيّون ومادّيون وعيلاميّون وسكان ما بين النهرين (وهم عدّة شعوب) وسكان اليهودية وسكان كبدوكية وسكان بنتس وسكان أسيّا وسكان فريجيّة وسكان من بمفيلية ومصريون ومن نواحي ليبيا ورومانيون وكريتيّون وعرب.
ز- كان المتكلّمون في الاجتماع هم جليليون يتحدثون اللغة العبرانية وأهمهم بطرس وباقي التلاميذ.
ح- أنّه تواجد أناس يتكلمون عشرات اللغات المختلفة لأنّ بعض الجنسيات كانت تتحدّث أكثر من لغة فالمصريون مثلاً يتحدثون المصرية القديمة والديموطيقية والقبطية والذين ما بين النهرين كانوا يتكلمون اللغة البابلية والأشورية والكردية والشركسية وغيرها.
ط- أنّ كل الحاضرين سمعوا التلاميذ في لغاتهم الأصلية التي ولدوا فيها.
ى- لم يدّعِ أحدُُ من المتحدثين أنّه حصل على لغة سرّية غير معروفة.
نلاحظ هنا أنّ يهوه تدخّل لحلّ مشكلة تعدّد اللغات التي زادت عن عشرين لغة ولسان. كان من عادة الرسل أنّهم يطيلون الكلام للجماهير المحتشدة مساء السبت ويطيلون الكلام إلى منتصف الليل أحياناً قبل رحيلهم في الرحلات التبشيرية باكراً في أول الأسبوع. فهذا الاجتماع الطويل كان من المستحيل تدبير مترجمين له لينقلوه إلى مختلف اللغات والألسنة الممثّلة في الاجتماع .. فمن أين لهم الوقت الذي يسمح لعشرات المترجمين .. ولو تدّبروا ذلك الأمر لاحتاج الأمر إلى مدّة زمنية تطول أياماً عديدة لإلقاء موعظة واحدة. وبما أنّ الجميع كانوا بروح واحدة إلى درجة أنّ كلّ شيء بينهم كان مشتركاً وكان المتيسّرون مادّياً يحضرون أموالهم وإمكانياتهم وممتلكاتهم ويطرحونها تحت أقدام التلاميذ لكي تسدّ اعواز العائلات المحتاجة. كانوا مثابرين مداومين على الصلاة والصوم وقراءة كلمة يهوه المقدسة، طائعين لوصايا يهوه، عاملين مشيئته وشاهدين له .. في مثل هذا الجو الروحي كان يحلو للسيد أن يسكب عليهم الروح القدس لأنّهم كانوا يطلبونه بلجاجة.
بالطبع يتوق الروح القدس أن يمنحهم مواهبه الروحية بغزارة.
نبذة عن تاريخ انتشار (( التكلّم بألسنة ))
دون "و.ج. هوكنج" نبذة تُرجمت إلى العربية عام 1932م عن التكلم بألسنة. وقد ورد في مستهلّ مذكرته أنّ الادّعاءات بالتكلّم بألسنة ظهرت أولاً في لندن عام 1830م على يدّ "إدوارد إرفنج" واتباعه. ادّعت حركتهم أنّها حظيت بنعمة التكلّم بالسنة جاءت من يهوه مباشرةً ثم تدرّجت بأنّ خصّصت لأتباعها جميع مواهب وأعمال الكنيسة الأولى مكابرين بأنّ جماعتهم ضمّت الرسل والأنبياء .. إلاّ أنّها للأسف انتهت بنشر تعاليم تجديفية عن شخص المسيح كمعبود. وقد ادّعت هذه الجماعة أنّ يهوه قد نجّى شخصاً موهوباً، كما يقولون، يقال له "روبرت باكستر" وقد نزل له السيد شخصياً وخلّصه من الفخ المهلك .. وهذا الأخير سرد بياناً مطوّلاً عن اختباراته، نسجّل منها ما يلي: يقول .. كنت اُجبرُ على الكلام بقوّة غريبة لا أستطيع أن أصفها، ومع أني كنت أتهرّب من الكلام، فقد شعرت بلذّة عارمة من هذا الاختبار، وكان هذا الكلام عبارة عن صلاة حارّة بلجاجة إلى السيد يهوشوه كي يرحمني ويخلّصني من ضعفاتي الجسدية ويخلصني من شهواتي وينعم عليّ بمواهب روحه وبالأخصّ موهبة الحكمة وموهبة العلم وموهبة الإيمان وعمل المعجزات وموهبة الشفاء وموهبة الألسنة وترجمة الألسنة وأن يفتح فمي ويعطيني قوّةً لأعلن مجده وهذه الصلاة القصيرة كنت اُجبر على ترديدها بواسطة قوّة كانت تسيطر عليّ وتهيمن على كياني. وكنت اصرخ مدوّياً مجلجلاً بصوتي رغماً عنّي بل كنت أكتم نفسي بمنديل حتى لا أزعج من هم حولي .. وكنت أتفوّه بكلامٍ شاذٍ وغير طبيعي وأحياناً بكلام مزعجٍ ومخيف .. وظلّ روبرت باكستر يظنّ أنّ هذا كان من يهوه، ولكنّه اكتشف بعد فوات الأوان، لعاره وخزي وجهه، أنّه لم يكن إلاّ العوبة في يد عدوّ المسيح اللدود، الحيّة القديمة المدعو إبليس والشيطان.
إنّ روبرت باكستر قد فاته أن يعلم بأنّ الروح القدس يهب هذه العطايا الروحية (( قاسماً لكل واحد بمفرده، كما يشاء )) 1 كورنثوس 11:12. ونسي أنّه لا يعدو أن يكون إلاّ عضواً واحداً في جسد المسيح الذي هو الكنيسة. فليس من المعقول أن تقوم الرجل مثلاً بعمل العين ولا اليد بعمل الأذن. قد أخطأ عندما أراد أن يكون كلّ الأعضاء مجتمعة وتردّى بسبب الطمع والجشع والكبرياء التي ورثها من سيده إبليس فطلب معظم المواهب الروحيّة كموهبة الحكمة وموهبة العلم وموهبة الإيمان وموهبة إجراء المعجزات وموهبة الشفاء وموهبة الألسنة وموهبة ترجمة الألسنة.
إنّنا نؤمن بأنّ يهوشوه المسيح لازال كما كان دائماً معطي المواهب الروحيّة حسـب غنى جوده وكماله العلوي عن طريق روحه القدس ولكنّه قبل أن يمنح أحـداً أيّاً من هذه المواهب يفحــص أعماقه ويعمل على تغيير قلبه وعقله كليّةً فيولد جديداً والمولود من الروح القدس لا يخطيء بل يطـيع وصايا يهوه ويجد غمرة سعادته عندما يلهج نهاراً وليلاً في ناموس يهوه ولا يغيب عن باله دواعي وأسباب النجاح (( طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار وفي طريق الخطاة لم يقف وفي مجلس المستهزئين لم يجلس، لكنّ في ناموس يهوه مسرّته وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل وكلّ ما يصنعه ينجح )) مزمور1:1-2.
والتاريخ مفعم بأمثال باكستر الذين راق لهم الغواية الشيطانية والخدع الماكرة فتردّوا في مهاوي الرذيلة تحت غطاء (( المواهب الكاذبة المصطنعة )). ليس معنى ذلك أنّهم كانوا عاجزين عن الإتيان بمعجزات فإن الشيطان بعبقريته وعمره الضارب في الأحقاب التاريخية ككروب مظلّل على عرش يهوه وكان قد بلغ أوج الحكمة والكمال، وبسبب نزاهة يهوه في معاملته لمخلوقاته، لم يحرمه من هذه الملكات والمقدرات العبقرية وكانت السماء بجملتها تتوق لرجوعه وأجناده عن غيّهم وضلالتهم حتى يخلصوا .. وأعطيت لهم فرصة للتوبة حتى الصليب. ولمّا عرف أنّ له زماناً يسيراً وأنّ نهايته قد قربت، راح يتفنّن في إهلاك الجنس البشري ويتشبّث بنظرياته الخاطئة وعناده ضدّ المسيح خالقه .. وهو لا يدّخر وسعاً في التنكيل بأولاد يهوه المؤمنين وجرّهم إلى الديانة المزّيفة التي تضمن هلاكهم.
لا يضير أن نسجل هنا في هذا المقام خمس حالات ادّعاء بالحصول على قوّة الروح القدس وامتلاكه هو ومواهبه والمقدرة على منحه أيضاً للآخرين .. أمّا المعجزات فتأتي تباعاً لكلّ من ينصاع لسلطة الأرواح الشرّيرة والمسمّاه "بالكارزماتية".
1- باكراً جداً في فجر المسيحية وبعد وفاة الرعيل الأول من رسل المسيح قام شخص اسمه مونتانوس في القرن الثاني الميلادي وادّعى النبّوة .. وعندما كان الروح الرديء يداهمه ويسيطر عليه، كان يتلفّظ بأقوال تجديفية قائلاً (( أنا السيد الإله القادر على كلّ شيء والذي نزل في هيئة إنسان. وكان هذا المجدّف وصحبته يتكلّمون بألسنة ويقولون بأنّهم قد جاءوا لإتمام نبوءة يوئيل 28:2 القائلة (( .. في آخر الأيام أسكب روحي على كلّ بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى )) وقد شدّدوا على التعبير (( كل بشر )) وهو لا يستثني أحداً. وبالتالي فلهم الحقّ الكامل في ادّعاءاتهم. ازهرت هذه الدعوة وأثمرت في إيطاليا وفرنسا وشمال افريقيا، فسارع مجمع كنسي سنة 235م وبعد حوالي قرن ونصف عقد مجمع القسطنطينية سنة 381م وحكم كلاهما بأنّ تلك الحركة كانت شرّيرة وأخذت هذه الحركة تتلاشى تدريجياً.
2- إبّان فترة الإصلاح الديني في أوروبا، قامت زمرة تشيّعت للتكلّم بالألسنة وبعمل معجزات الشفاء، وانضمّ إليها كثيرون ممّن يبحثون عن وصفة روحية لحل المشاكل العائلية والاجتماعية والاقتصادية.
3- حوالي سنة 1650م قامت جماعة عرفت باسم (( الأنبياء الفرنسيون )) وادّعوا الحصول على المواهب الرسولية وخاصّة التكلّم بألسنة.
4- قامت حركة حوالي سنة 1850م في اسكتلندا ببدعة (( الألسنة غير المفهومة )) ولما سمع بها إدوارد إيرفينج، انضمّ إليها وأصبح علماً من أعلامها فيما بعد وازدهرت الفكرة بين أعضاء كنيسته في لندن وتحوّلت هذه الكنيسة إلى خليّة نحل تموج بالألسنة. بعد قليل انتهى به المطاف إلى عزله من كنيسته المشيخية بعد إذلاله وتحقيره ومحاربته.
5- امتدّ أثر هذه الحركة إلى الكنيسة الكاثوليكية التي تنتهز كلّ فرصة للنجاح المظهري وكان من أتباعها روبرت باكستر سالف الذكر ولكنّه نجّاه السيد من حبائلهم. وقد رجع عن ضلاله وكتب كتاباً دعاه (( حكاية بعض الوقائع )) وعلى الصفحة 45 يدوّن قصّة هذه الحركات المصطنعة التي تدّعي الحصول على المواهب الروحية تحت تأثير الكارزماتية الروحانية.
ترجمة الألسنة:
لو تواجد شخص حاضراً في اجتماع وسمع أحدهم يتمتم بلسان غريب وانبرى لترجمة الرسالة القادمة من عالم الغيب على لسان أحد الأعضاء، فلو كان موهوباً بترجمة الألسنة فلسوف يقوده الروح القدس إلى كشف صدق المدّعي أو زيفه وبهتانه لأنّ المدّعي إذا كلّفته السماء برسالة إلى الجمهور فلابدّ من أن تؤيده في الترجمة حتى يستفيد الشعب وستأتي الترجمة في لغة الشعب حتى يفهم وينال البركات المرجوّة.
من طلب الرسول بولس أن يصمت المتكلّم إذا لم يكن هناك ترجمة، نفهم بأنّ بعض الأشخاص كانت تسوّل لهم أنفسهم التصنّع باقتناء هذه الموهبة .. ولمّا لم يجدوا مترجماً ويزداد عددهم حدثت فوضى. لذلك أقترح الرسول الملهم بأن يصرف الناس نظرهم عن هذه الملكة التي ينقصها البرهان والدليل على صحّتها، وإلاّ كيف يتجرأ بشر خاطيء كبولس وغيره على إسكات المتكلّم إذا كان فعلاً حصل على هذه الهبة؟! من يتكلّم بلسان غريب يبني نفسه! أليس في هذا لوم مبطّن لكلّ مدّعي يريد أن يبني نفسه ويكوّن لنفسه مكانة مرموقة؟!
من المؤسف أن تتطور هذه الممارسات في بعض الطوائف المسيحية حتى لم نعُدْ نعرف الحقيقة لأنّ الشيطان يوهم البعض بأنّهم ينالون الشفاء بوضع أيدي أولئك المتكلمين بالألسنة باعتبارهم مقبولين عند يهوه، أمثال هؤلاء السذّج يمكن التغرير بهم بسهولة.
كلّ تلك الأنشطة الغير مشروعة هي من إنتاج وإخراج عدو يهوه والإنسان الذي يضلّ ولو أمكن المختارين أيضاً لصرف الناس عن الامتثال لمشيئة يهوه وطاعة وصاياه (( من يحوّل أذنه عن سماع الشريعة فصلاته أيضاً مكرهة )) أمثال 9:28. إن هذه الطوائف الممارسة لهذه الأنشطة المصطنعة لا تحترم وصايا يهوه وخاصة الوصية الرابعة الخاصة بيوم السبت المقدّس وهي تعلّم خادعة أعضاءها وجماهيرها بالتملّق بأنّهم غير مطالبين بحفظ الوصايا ويخلطون بينها وبين ناموس موسى معلنين أنّها قد سمّرت على الصليب وأنّها كانت وخاصّةً السبت للشعب اليهودي دون غيره، أمّا هم فهم في عهد النعمة وليس عهد الناموس، وبما أنّ النعمة هي هبة مجّانية فلا يلزم أن يسلكوا في طوع الوصايا ولا يلزمهم الأعمال الصالحة لأنّها لن تخلّصهم .. والسيد يهوشوه المسـيا قد عمل كلّ شيء على الصليب وفي نظـرهم أنّه قد غفر لهم كافة خطـاياهم الســالفة والحــاضرة والمســتقبلة بغير ما تعـلّم الرسالة إلى أهل رومية 25:3 (( متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيهوشوه المسيح الذي قدّمه يهوه كفّارة بالإيمان بدمه، لإظهاره، من أجل الصفح عن الخطايا السالفة )).
فما جدوى صلاتهم وعبادتهم؟! هل هي مقبولة عند يهوه ؟!
يقول الوحي المقدّس على لسان النبي داود (( إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع لي يهوه )) مزمور 18:66. فكيف بيهوه الذي، (( سرّ من أجل برّه يعظّم الشريعة ويكرمها )) إشعياء 21:42، يُسرّ بمثل هؤلاء المتعبدين العاصين لدستوره والمتواكلين على تضحية السيد يهوشوه دون طاعة تذكر؟!
إنّنا لا ننكر وجود المواهب الروحية بما فيها موهبة التكلم بألسنة ولكنّنا نؤمن راسخين بأنّ كلّ شيء يجب أن يكون بلياقة وحسب مشيئة يهوه وفي مخافته وحسب الحاجة. لا معجزة أهمّ من معجزة التغيير الذي يجريه الروح القدس في حياة الإنسان. وما أحرانا أن نتوخّى الكمال وأن نسمح للروح القدس أن يغيّر حياتنا فنولد من فوق وعندها لا يقدر عدو الخير على خداعنا فنسلّم حياتنا وكياننا كلّه للمخلّص حتى يلبسنا ثوب برّه ويسبغ علينا روحه القدوس المواهب الروحية بحسب احتياجاتنا وحاجات الكنيسة للخدمة المنكرة لذاتها وليس للتباهي والتفاخر المخادع.